الأكاديمي والسياسي : أي معادلة ؟

جمال بوعجاجة

الدكتور عبد الجليل سالم أستاذ تعليم عال في اختصاص العقيدة وعلم الكلام بجامعة الزيتونة، لا هو شيعي ولا هو وهابي، غير أنه صاحب أطروحة فكرية ورؤية إصلاحية، إذ يصنف نفسه ضمن السياق الحداثي الزيتوني، فهو أقرب إلى تيار الإصلاح التربوي والحضاري بكلية الآداب بقدر ما هو أعلق بالمنهج الزيتوني في ترسيخ الوسطية والمنهج المقاصدي في مواجهة التعصب والتطرف، وهو متشبع بالانتماء الوطني فالرجل سليل الجنوب المناضل.

غير أنّ منزلقات المعادلة السياسية والأكاديمية باهظة الثمن، إذ يستعد الوزير لتنظيم ندوة دولية تحت اشراف الوزارة حول الإرهاب ومحاضنه، وهو يتردد بين مهمّة الاشراف على الوزارة والإشراف على الأطروحات ومناقشتها، ويناقش الأكاديميين كما يحاور السياسيين بثقة مفرطة في النفس أحيانا، ودون حسابات سياسية لهيمنة منطق الأكاديمي الذي يحتكم إلى مبدأ الاختلاف والتنوع على السياسي الحذر والدبلوماسي.

كلّ ذلك لا يبرّر الجنوح إلى صفّ على حساب آخر، ولا اتهام طرف دون غيره، فظاهرة الإرهاب معقدة، وذات أبعاد عالمية، فلا يمكن وصلها بمذهب أو دين أو اختزالها في أطروحة واحدة.

قد نقف إلى جانب الأكاديمي في حقه في التعبير وبسط أطروحته مهما كانت وجاهتها، ولكن لا نعذر السيد الوزير في ترجيحه لرؤية تختزل الإرهاب في بعد مذهبي أو قطري واحد.

وفي المقابل لا معنى للتوظيف الإعلامي للحدث وتضخيمه، للانطلاق في حملة تستهدف الوزير والوزارة لأسباب إيديولوجية وعقائدية مغلوطة، ولا معنى لتهويل تصريح وزير الشؤون الدينية دون غيره من الوزراء الذين أصبحوا عنوانا للخطأ والسياسة المتشنجة أو البطيئة أو النائمة.

الدكتور عبد الجليل سالم ضحية أكاديميته، وضحية الإعلام الفضائحي، وضحية الخيارات السياسية المتشنجة، خسرته الجامعة ولم تربحه الوزارة، وتخسره الوزارة اليوم لتستعيده الجامعة، لتفتح الساحة على مصراعيها لدائرة التزلف السياسي والنفاق الأكاديمي والتوافق الديبلوماسي المغشوش بعد ذلك.

Exit mobile version