من سجل الذكريات ( #أوراق_اﻷيام ) :
في 6 تشرين الأول 1973م يوم اندلاع حرب تشرين التي سموها بالتحريرية، كنت طالبا في ثانوية جورج سالم الصناعية/حلب سوريا..
تعطلت المدارس قرابة 40 يوما، ثم عدنا للدراسة وفي أول حصة بعد طول غياب دخل علينا الأستاذ محمد صافي أبو دان الموجه الحزبي في الثانوية ليلقي علينا محاضرة في التربية القومية الاشتركية..
توقعت أن يكون درسا حول التضحية والفداء والبطولات والتحرير والإمبريالية.. الخ باعتبار البلد خارج للتو من حرب كبيرة مع عدو غاصب..
لكنه بدأ بشرح أهداف حزب البعث العربي الاشتراكي ومما قاله :
(من أهداف حزبنا تغييب الأديان من أدبيات شعبنا فالدين هو أفيون الشعوب وهو سبب كل تخلف وحاجز أمام اللحاق بركب الحضارة المعاصرة..
ومقدسات الأديان في الحقيقة هي تقييد للحريات الفردية، على سبيل المثال لا الحصر :
المرأة هي نفس المجتمع، وتقييد حرية المرأة بشخص واحد يسمى زوجا هو إهانة لها وعقبة أمام تطور الدولة وتقدمها، لا بأس من وجهة نظر حزبنا من أن ترافق المرأة رجلا وتشاركه العيش في منزل واحد لكن لا يحق لأحد من أقاربها أن يمنعها من ممارسة الجنس مع من تشاء…).
فضجت القاعة وهو يصرخ أن اسكتوا، فقام طالبان أرمنيان هما : كفركيس ابراهام وميناس حداد وقالا :
تريد منا أن نترك أمهاتنا كالحمير في الشارع ليقفز عليهن جحاش المجتنع كله ؟.
فقال : اخرسوا واسكتوا لأكمل الدرس..
فقام طالب آخر هو سهيل قشقش (رحمه الله) وقال : طيب ممتاز يا أستاذ دعنا هادئين ولي سؤال :
هل تسمح لزوجتك هذه الليلة بالخروج معي إلى حيث أشاء ؟!. فرد عليه قائلا : نعم إن رضيت !.
فهجمنا عليه جميعا للبطش به فهرب واختبأ في غرفة المدير ثم قمنا بتكسير الكراسي وتخريب كل شيئ وشاركنا جميع طلاب المدرسة وعددهم حوالي 600..
ثم تدخلت قوات الأمن وطلبت منا الانصراف لبيوتنا دون اعتقال أي واحد..
بعد يومين طلبوا منا جميعا العودة للمدرسة قائلين بأن وفدا من دمشق قادم للتهدئة..
اجتمعنا جميعا في باحة المدرسة فخطب فينا شخص لم نتعرف على اسمه قادم من دمشق فقال :
الأستاذ محمد صافي أبو دان عبر عن وجهة نظره الشخصية وليس عن وجهة نظر حزب البعث العربي الاشتراكي والأستاذ يعتذر لكم وأشار إليه بيده فهز برأسه موافقا ثم قال : ادخلوا قاعاتكم وتابعوا دراستكم..
محمد صافي أبو دان هذا أصبح وزيرا للصناعة في آخر حكومة لحافظ الأسد قبل أن يرحل !.