لماذا لم يحتكر الإعلام في الولايات المتحدة من طرف الدولة كما حدث في بلداننا بعد الإستقلال؟
ببساطة لأن القانون يحرم على الدولة الفدرالية امتلاك وسائل إعلام. لا يمكن لرئيس الولايات امتلاك قناة تلفزية رسمية ولا جرائد ومجلات.
والسبب في هذا المنع هو الخوف من أن توجه الحكومة الرأي العام. فهو يجب أن يظل حرا.
في بلداننا، قامت أنظمة الحكم بإنشاء محطات تلفزيونية ومنعت على الشعب إنشاء قنواته. وأسست جرائد ومجلات خاصة بها ومنعت أو راقبت غيرها من المنشورات.
وبذلك تحكم السلاطين والرؤساء في ما يصل إلى الناس من معلومات لعقود من الزمن. فخلقوا بذلك مسلمات لا أساس لها. وجعلوا الحق باطلا والباطل حقا بحسب أهوائهم. وأثاروا العداوة بين الشعوب بما يخدم الحدود القطرية. ويزيد تحكمهم في حياة الناس.
ثم جاء البث الفضائي فكسر احتكار التلفزيون الرسمي التافه للبث. ورأت الشعوب ما يدور في العالم. وبدأت تتخلص من رواسب أكاذيب دعاية الأنظمة.
ومن الله علينا بالإنترنت فلم يعد المواطن يتلقى فقط بل أصبح ينتج ويشارك برأيه وبالتدريج تحول الإعلام البديل إلى موجة هادرة تشارك في مراقبة الشأن العام وتوجيهه.
الأنظمة والحكومات وأصحاب المصالح لم يقعدوا مكتوفي الأيدي. وهم اليوم يحاولون التحكم في الإعلام البديل وتوجيهه أو على الأقل الحد من تأثيره.
لديهم الوسائل والموراد المالية ولديهم العزم والوقت للتعامل مع هذا التحدي الوجودي بالنسبة لهم.
ودورنا أن نحافظ على هذا الفضاء حرا ما استطعنا.
وأول خطوة هي إلغاء متابعة وصداقة والإعجاب بكل صفحة أو شخص يتضح أنه ينتمي إلى الإعلام الرسمي المتحكم به. وأنه لا يعبر عن رأيه الحر في ما ينشره بل يبيع رأيه لمن يدفع أكثر.
الآراء المدفوعة الأجر لا مكان لها في فضاء الرأي الحر والإعلام البديل.