عبد القادر عبار
كان رئيس وزراء بريطانيا المعاصر لـ”جُورْجْ بِرْنَارْدْ شُو”، سمينًا، بينما “بِرْنَارْدْ شُو” ضعيف البنية. وهذا الضعيف لمن لا يعرفه، هو أحد أشهر الكتاب المسرحيين في العالم، وقد حاز على جائزة نوبل في الأدب عام 1925، وهو من أشهر من رفضها حين قدّمت له.
قال رئيس الوزراء السمين، للكاتب والمفكر الضعيف : “من يراك يا جُورْجْ.. يظنّ أن بريطانيا في أزمة غذاء” ؟!، فردّ عليه “بِرْنَارْدْ شُو” ساخرًا : “ومن يراك يا سيدي الوزير، يعرف سبَبُ الأزْمَة”!
هذا الردّ العبقري من الأديب الساخر، للسياسي المتعجرف، كم أراه ملائما، ويحكي عن حالنا، ونحن تصدمنا مقترحات آخر عباقرة الإصلاح التربوي، سماحة “المربّي الأول”، الذي يرى أنه من الحكمة بمكان، أن نُهِينَ مادة الرياضيات والفيزياء، بقَضْم بعض وقتها المخصص لها لِتتصدّق به على الفنّ، حتى يفيضَ الوطنُ غناءً ورقصًا !، وحتى “يتْفَرْهَد التلميذ” ويسرّح “مِسْلاَنَهْ” بالرقص ! ويصقل حنجرته بالغناء !.. وبذلك نقضي على الإرهاب بدون “كرتوش” ولا خسائر في أرواح الأمن والجيش ! لان الرقّاص لا يمكن أن يكون إرهابيّا، لأنه قد تميّع وتخنّث. وكأن أزمة التربية والتعليم هي أزمة حزَامْ، وحناجر ؟؟ وليست أزمةُ نِيّة وبرمجة، ومنهج ؟
هل نستطيع أن نردّ على مُفَجّر الاقتراحات، مستعيرين مقولة السيد “برنارد شو” : “ومن يراك يا سيدي الوزير، يعرف سبب الأزمة” ؟
ونغتنم الفرصة، لنسوق مَقوُلتيْن اُخْرَيَيْن، رائعتين، “لبرنارد شو” تناسبان ما نحن بصدده، المقولة الأولى : يقول فيها بِرْنَارْدْ شُو: “هو لا يعرف شيئا، ويظنّ أنه يعرف الكثير، إذاً، فهو يمتهن السياسة “!!
ويقول في الثانية : “كانت الإنسانية لِتكونَ سعيدةً منذ زمن، لو أن الرجال استخدموا عبقريّتهم في عدم ارتكاب الحماقات، بدل أن يشتغلوا بإصلاح حماقات ارتكبوها” !
عجبًا ! لَكَأَنّ “بِرْنَارْدْ شُو ” مرّ مِن هُنا !!