سامي براهم
كالعادة يُمسَكُ رئيس حركة النهضة من لسانه كلّما اقتضى السياق السياسي تصيّد عبارة تدينه وتُضعِف موقفه وموقف حزبه في المشهد السياسي،
هكذا هي السياسة وعلى السياسي أن يختار من الألفاظ والعبارات ما لا يثير حوله الشّبهات والإتّهامات ويكون مادّة للتّشهير والوصم… إذا كان السياسي من المشتغلين بالفكر يكون الخيار أصعب، فما يسع المفكّر من عبارات وألفاظ لا يسع السياسي.
الإسلام الغاضب أو العابس أو البدوي أو الراديكالي أو النّاقم أو المتوحّش عبارات دارجة في الدّراسات السوسيولوجيّة والبحوث الميدانيّة في مراكز وهيئات بحث مرموقة،
لعلّ أقربها إلينا الجدل الحادّ الذي أثير بين جيل كيبيل و أوليفيي روا وألين قريش حول ردكلة الإسلام وأسلمة الرّاديكاليّة.
حيث اعتبر أحدهم أنّ الإرهاب هو قراءة راديكالية للإسلام بين اعتبر الآخر أنّ الإرهاب هو ردّة فعل غاضبة أو ناقمة على أوضاع اجتماعية وسياسية اتّخذت من الإسلام إيديولوجيا تعبويّة.
واعتبرت عديد الدراسات أنّ داعش هي النتيجة الطبيعية لما وقع في العراق من تدمير للدولة ومؤسساتها وانتهاكات بالجملة على الهويّة المذهبيّة والطّائفية،
كما اعتبرت دراسات أخرى أنّ الإرهاب هو الصّرخة الغرائزيّة العمياء على واقع التهميش الاجتماعي والثقافي والتدمير الممنهج لمناعة المجتمعات وحصانتهم برز معها الإسلام بصورة الدين الدّموي وأطلق على نبيّ الإسلام “الضّحوك القتّال” ورسالته “جئتكم بالذّبح”.
طبعا هذه التحاليل والعبارات التي استنبطها الباحثون على سبيل المجاز أو الحقيقة لا يسع السياسيّ استخدامها بشكل مرسل دون الوقوع في شراك متصيّدي العثرات وملتقطي الزلّات.
ما تقرّه الدّراسات والبحوث الأكاديميّة قد تكون وبالا على السياسيّ المعني بالنّجاعة لا الحقيقة، هكذا وضع السياسة في الزمن الميكيافيلي حيث يسع الباحث والمفكّر ما لا يسع السياسي الملاحق من خصومه حتّى وإن كان مزدوج الصفة “مثقّف وسياسي” !!!