الحبيب حمام
الأنظمة الشمولية القمعية تمارس التعذيب والسحق والسلخ في مسالخ محلية وجهوية ومركزية. طبعا هذه الأنظمة لا تسمح لمنظمات حقوق الإنسان الدولية بأن تطّلع على ذلك، وتنفي دائما أن يكون وقع تعذيب أصلا. وهذا ما كان يفعل بورقيبة وبن علي مثلا. كيف إذن إقامة الحجة على هذه الأنظمة القمعية؟ المسألة ليست سهلة، وهناك باحثون يدرسون هذه المسائل لتطوير أداء منظمات حقوق الإنسان ولكشف التعذيب الممارس في دهاليز الداخلية مثلا.
ولكن بفضل الله أولا، وبمجهودات المناضل الجبهاوي، عبد الجبار المدوري، ثانيا، تحصّلت المنظمات الحقوقية على أدوات فعّالة وسهلة الاستعمال لكشف درجة التعذيب الذي تمارسه الأنظمة القمعية. قدّم لنا المناضل البوكتي (بوكت: حزب العمال الشيوعي التونسي) معيارين:
1. إذا كان التعذيب قليلا لطيفا سطحيا لايت (light)، تبسيس، ماساج مجاني، يخرج المعتقل من كلينيك الماساج (دهاليز الداخلية مثلا) شهيدا، وهذا ما وقع لحركة النهضة مثلا. وإذا كان التعذيب فظيعا، تتصدع من هوله الجبال، جهنم يعني، يخرج المعتقل بعد التعذيب يساريا. وهذا ما وقع للبوكت وللوطد، واعتذر لهما على استعمال كلمة جهنم، فهي استعارة من قاموس أجنبي.
2. إذا كان التعذيب تمسيدا، وماساجا، يخرج المعتقل من غياهب السجون بعد 20 عاما حاملا كل الأمراض والتشويهات. أما إذا كان التعذيب مهولا، يخرج المعتقل بعد يومين أو شهرين لمزاولة عمله بنشاط ووطنية، أو لمواصلة دراسته ونضاله في الاتحاد العام لطلبة تونس الذي حافظ على تأشيرته أيام بن علي.
بهذين المعيارين تكوّن سُلّم جديد، مثل سُلم ريشتر للزلازل، هو سلم المدوري للتعذيب. فمثلا، من وقع تعذيبه بأن فشولوا العجالي متاع كرهبتو، فهو في أعلى درجات المدوري يعني 12، أو ما يقابل 9.5 على سُلّم ريشتر. عافانا الله من التدليك والتمسيد والماساج والماء الدافق في مسابح الفنادق الصحية المختصة في الداخلية ومراكز الشرطة.