عايدة بن كريّم
ربما سيستغرب بعض الأصدقاء من هذا الكلام… لأنهم لا يتجوّلون في شوارع وأنهج العاصمة ولا يمرّون من أمام مصبّات “الزبلة”، المحاذية للأحياء الشعبية الموجودة على أطراف المدينة.
كلّ يوم يتأكّد عندي أنّ “الزبلة” في تونس ستكون العنصر الفاعل الرئيسي في تحديد مستقبل تونس… نعم أكوام “الزبلة” التي تتراكم يوما بعد يوم حتى تصالحنا معها وأصبحنا لا نصاب بالقرف حين نمرّ بجانبها ولا نصاب بالغثيان ونحن نستنشق رائحتها ولم يعد يُزعجنا مشهد الأكياس السوداء المصفّفة تحت القناطر وخلف الأودية وأمام المدارس وحتى في محطّات القطار وفي الساحات العمومية… نعم ستكون الزبلة “الصندوق الأسود” لشعب عميق بصدد الإنحدار نحو الهاوية.
التونسي تطبّع مع الفساد وهو بصدد التطبيع مع “الزبلة”… الفساد خرّب الإقتصاد وأنهك القدرة الشرائية للمواطن وأفلس خزينة الدولة أمّا “الزبلة” فستقضي نهائيا على أي “رغبة” في الحياة.
هناك يد خفية تعمل على تحويل عيشتنا إلى Poubelle، وتدفعنا إلى الإنتحار الجماعي أمام “قرافة” البيئة المحيطة بنا.
إن لم نقف لرواحنا ونخوض معركتنا مع “الزبلة” فسيكون مصير ثلثنا في مستشفى الأمراض الصدرية وثلثنا الثاني في مستشفى صالح عزيز وثلثنا الأخير في مستشفى الرازي.
صدّقوني الأمر جللت، الأمر جلل، الأمر جلل…
أعملوا طلّة تحت القنطرة الرابطة بين خزندار والزهروني في مستوى السعيدية… المشهد مُرعب.
اعملوا طلّة على الساحة المقابلة لمستشفى شارنيكول من جهة باب بنات… شيء يوجّع القلب.
أكوام الزبلة قريب تتجاوز سقف السيارات الواقفة والناس موش متقلقة… والروائح لا تُطاق والناس موش على بالها…
يا الله ياخي إلى هذه الدرجة تعوّدنا بالقرافة في الإدارة في التلفزة في الإذاعة في الأحزاب في الحكومة في البرلمان… وحتى في البيئة المحيطة بنا وفي الهواء الذي نستنشقه؟؟؟