الإقتصاد التكافلي أو الإقتصاد التعاوني أو ما يسمّى بالإقتصاد التضامني هو السبيل الأمثل لحل مشكلة التشغيل وهو خير تجسيد لما يسمي بالحوكمة المحلّية. تجربة واحة ستيل بجمنة كانت أنموذجا وتجربة فريدة من نوعها لما تحدثنا عنه سالفا… المواطنون في جمنة كان وعيهم متقدما جدا على وعي الدولة التي لم تستطع مواكبة التطور الذي حصل في وعيهم وضميرهم الجمعي.
كان أولى بحكومة يوسف الشاهد أو ما يسمى بحكومة الوحدة الوطنية الإهتمام بقضايا التكوين والتشغيل والسياسات القطاعية وتعبئة الذّكاء الجماعي لمكوناتها من أجل القيام بعمليات تحسيسية وبشكل ممنهج تجاه الشباب العاطل عن العمل لتحسيسه بأهمّية الاقتصاد الاجتماعيّ والتضامنيَّ بدل من الدخول في مطبّات المواجهة مع أهالي جمنة ومحاولة القضاء على أنموذج ناجح للإقتصاد التضامني نسجه شباب هذه المنطقة والّذين قاموا بنحت ملامح إقتصاد اجتماعي تضامني كانت الأولويّة فيه للتشغيل وتحسين ظروف العيش المشترك في جمنة، في مختلف المجالات، سواء المجال الصحّي أو التربوي أو البيئي أو الرياضي أوالثقافي.
المُمارسات التضامنيّة والتعاضدية والتكافلية مترسخة في هويّتنا وثقافتنا العربية الإسلامية، ذلك أنّ أسسها تستمدّ مبادئها منْ شعائر ديننا الحنيف كالزّكاة والوقف، كما أنّ هناكَ مصطلحات خاصّة تعبّر عن هذا النوع من المساهمة الجماعيّة والتي تفضي بالأساس إلى خلق الثروة ومقاومة ظاهرتي الفقر والبطالة…
الاقتصاد الكلاسيكي الذي يسعى دائما لتوفير المناخات الملائمة للاستثمار الرأسمالي ويعتمد بشكل أساسي على مخطّطات الدولة في الاقتصاد الاشتراكي من أجل إيجاد فرص عمل عجز وبشكل كلّي على إيجاد الحلول الممكنة لتشغيل المعطلين عن العمل من أصحاب الشهادات العليا.
إعلام المجاري المتأدلج والمرتهن للرّأس المال الفاسد طرح القضية بشكل فيه كثير من المغالطة وفيه توجيه للرّأي العام بشكل يوحي بأن ما قام به الأهالي في جمنة غير قانوني ووجب تجريم فعلهم واستعمال القوّة العامة ضدّهم. القضيّة طرحت بشكل معكوس بشكل يخدم مصالح الفاسدين المتنفذين في عصب الإقتصاد والمتحكمين فيه.
المشكل الرئيسي هو في تخلف المنظومة القانونيّة التي لم تواكب تطوّر ونضج الوعي الجمعي بقيمة الاقتصاد التعاضدي والتضامني في عقول شباب جمنة وأهاليها وليس المشكل في اختراقهم للقانون.
تجربة جمنة وجب تعميمها في كل الجهات وفي كل القطاعات ووجب وضع منظومة قانونية وتشريعية متطوّرة من شأنها فتح المجال أمام تنامي هذا النمط الإقتصادي والقطع بشكل كلي مع مركزية الدّولة وبيروقراطيتها..
الدولة ستبقى عاجزة على تنمية الجهات الداخلية ما دامت متمسكة بمركزية قرارها وما لم يبادر أهالي هذه المناطق بالأخذ بزمام أمورهم والمطالبة بالتعجيل بالحكم المحلي من خلال انتخابات المجالس البلدية والجهوية والتسريع بتطبيق الباب السابع من الدستور، باب السلطة المحليّة.