السيد صالح الزغيدي، لا يجد أي حرج في الافتخار بأنه كان ينشّط جمعية (سرية، غير شرعية) لمراقبة ما يقوله الناس في المساجد في أعوام الجمر والقمع، وإعداد تقارير في ذلك، (لمن ؟ ليس هذا مهما في ظل الدولة البوليسية)، ألا يذكركم هذا بالرواية الشهيرة للكاتب البريطاني جورج أورويل “1984” التي يتنبأ فيها بأن يصبح الطفل واشيا إلى الدولة القمعية بالأفكار السرية لأبيه وأمه (في الفراش) ؟ ومن حيث المبدأ، سوف نجد استحالة واضحة في تقبل فكرة أن يكون الإنسان يساريا ثوريا، ثم متحالفا خادما لمصلحة منظومة حكم تقوم على تحالف الأوليغارشيا (المال والعائلة الحاكمة وجهاز الأمن)، الأعداء التاريخيين للحرية.
ثمة نقاد أطلقوا على رواية أرويل اسم “سرديات الرعب والهزيمة”، لكن أفضل النقاد قالوا عنه إنه “قد خلص على أساس وفائه للمعتقد الثوري (الاشتراكي الماركسي)، إلى ضرورة مقاومة الانحراف الستاليني صلب التيار الشيوعي باعتباره تجسيدا لخيانة الثورة حسب التوصيف التروتسكي”، ما لم يتحمله أغلب المثقفين اليساريين في العالم و”حسموا فيه” بلغة الجامعة التونسية في الثمانينات، هو تجريم التعامل مع منظومات الحكم الظالم حتى وإن أبدت تعاطفها مع مبادئ اليسار، لأنه تعاطف انتهازي، إذ لا يمكن، من حيث الإنسانية أن يجد الثوري نفسه في نفس الخندق مع الجلاد،
لمن لا يحتملون قراءة الأدب، وقراءة رواية جورج أورويل، يمكن مشاهدة فيلم “minority report” بطولة توم كروز،