توجد لدي قناعة صميمية بأن ثورتنا التونسية راسخة في أرضها رسوخ أشجار النخل والزيتون رغم التوافق المغشوش والعودة “المؤقتة” للفاسدين من حثالة المجتمع والتجمع المنحل.
تكونت لدي هذه القناعة انطلاقا من مجموعة من المعطيات والمؤشرات :
2. رفض أغلبية الأمنيين لدعوات التمرد والعصيان وتمسكهم بحياد مؤسستهم وتحسن أجورهم وظروف عملهم مع الترويكا والاضمحلال التدريجي لنقاباتهم الفاشية مقابل التفافهم حول النقابات الوطنية الشريفة والمسؤولة.
3. وجود أعداد كبيرة جدا من القضاة الشرفاء النزهاء الذين نعرفهم جيدا، يخشون الله ويحكمون بالعدل ويرفضون تسييس أحكامهم رغم ضغط اللوبيات المالية والاستئصالية والماسونية،
4. انحياز أغلبية موظفي الادارة التونسية لقوى الثورة وهو ما يفسر تجاوز الأربع نقاط نمو في فترة حكم الترويكا بعد أن تدهورت الى حدود النقطتين تحت الصفر قبلها !
فقد كنت شاهدا على تفاني كثير من كبار الموظفين الذين كانوا يشتغلون معنا حتى ساعات متأخرة جدا من الليل وأيام نهاية الأسبوع وألغوا عطلهم أو قصروها اذ لولاه لما حصلت معجزة النمو الايجابي في مرحلة انتقالية وهو استثناء تونسي لم تعرفه أي ثورة أخرى،
ثم ان تراجع النمو أو بالأحرى انهياره بعدنا (ومنذ مجيء حكومة التكنوقراط الى اليوم) هو بسبب حالة الاحباط التي أصبح عليها الآلاف من شرفاء الادارة.
5. انحياز كبار المفكرين التونسيين من ذوي الصيت العالمي الى الثورة ونذكر منهم تحديدا السيدين هشام جعيط وجيلبار نقاش،
6. انحياز أعداد كبيرة من الصحفيين والمثقفين الشباب للخط الثوري حيث تزخر صفحات الشبكة الافتراضية بمواقفهم المبدئية ومقارباتهم التحليلية وتنبيراتهم الابداعية التي تدل على ذكاء وقاد وعزيمة لا تلين،
7. الصعود التدريجي لطبقة جديدة من رجال الأعمال الوطنيين والانكشاف التدريجي للفاسدين القدامى من طبقة الأثرياء الذين راكموا ثرواتهم بعد سحق منافسيهم بواسطة المخلوع وعصابته.
8. صعود النقابيين الشرفاء في أغلب النقابات القطاعية، الجهوية والمحلية، مما يؤشر على انحياز وشيك للمركزية العمالية نحو ديمقراطية التسيير والولاء للثورة بدل الارتهان الحزبي والمالي للوبيات الفساد والحقد والاستئصال،
9. لم يبق لأعداء ثورتنا إذن سوى شرذمة من مرتزقة إعلام العار الذين يُعدّون على الأصابع، تدعمهم بسخاء كبير، عصابة معروفة من رجال الأعمال الفاسدين وذلك عبر آلية الإشهار التجاري الذي يشكل احدى التقنيات الذكية لتبييض الأموال … هؤلاء هم الذين شكلوا السوس الناخر للثورة، والعقل المدبر والذراع الضارب للانقلاب بغاية ايقاف مسار المصادرة الذي كان يقترب منهم حثيثا اذ كنا فرغنا من مصادرة عصابة القائمة الملحقة بالمرسوم عدد 13 المؤرخ في 14 مارس 2011 (وهم 114 شخصا) وانطلقنا في اعداد قوائم الأشخاص الذين ينطبق عليهم الفرع الثاني من الفصل الأول أي كل من تحصل على منفعة جراء علاقته بهم.
هذا هو مخ الهدرة متاع الانقلاب “المؤقت جدا” ولذلك لن يكون لحكوماته أي “ابداعات” اللهم الا في فن التمويه بمكافحة الفساد والفاسدين كما يفعلون اليوم في حملاتهم الاستعراضية ضد بعض صغار المتحيلين البنكجية… انها مدرسة “بوهم لحنين” في التعامل مع الديمقراطية وحقوق الانسان !
اطمئنوا أيها التونسيون فلن يذهبوا بعيدا ولن يعمروا طويلا.
{فأما الزَّبد فيذهب جُفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض}… وللحديث بقية.
#الفساد_هو_الارهاب