عبد القادر عبار
في الامتحانات، دائما هناك مُتميّزون، وراسِبون. هي سُنّة لا تبديلَ لها.
وعلّمتنا الممارسة المدرسيّة أن الراسبين لا شهوة لهم عند الفرز، وردّ الأوراق، وإعلان النتائج، إلا أن يروا المتميّزين ينتكسون ولو مرّة، ليشمتوا بهم، وليُنَفّسوا عن غيظ قلوبهم.. وهذا من المرض، عافانا وعافاكم الله ! والراسبون في السياسة والايديولوجيا، أشد حنقا وغيظا وحقدا على الفائزين، من زملائهم في التعليم.
وعندنا من الراسبين في السياسة والايديولوجيا، مَن مُعدّلاتهم متحالفة مع الأصفار والفواصل، ولذا، همُّهُم ليس العمل على تحسين نتائجهم، وتسمين معدّلاتهم، وتجيير فواصلهم، لأنهم متيقّنون أنه ليس – في الإمكان، أبْدَعَ مما كان – وإنما همّهم وشهوتهم أن ينزلق ويتدحرج المتفوّقون، القاهرون لهم والمغيظون لقلوبهم.
والراسبون عندنا قهَرَهم هذه المرة، النُّبوُغ المغربي في انتخابات هذا الأسبوع، والذي كان من نصيب “العدالة والتنمية” للمرة الثانية.. وهذا مما لا يستسيغونه، ويَسُوؤُهُم أيّما إساءة.
وأكذبُ الكذب وأسْفَهُ الغُرور -وهذا ما لم يَفْقَهْهُ اليسار الراسب بامتياز-.. هو أن يُعطيَ المرْءُ لنفسه مقاساتٍ وهميّة، اكبر من حجمه، يُحيّنُها حسب الطقس السياسي، ثم يطلب من الناس أن يقرؤوا له ألف حساب، ظانًّا أن أصله، أكثر من نطفة مَذِرَة، حتى لكأني بالشاعر “الميداني بن صالح” يعنيه بقوله الرائع :
“يَتهَادَى، يتَمَطّى، يَتمَايَلْ **** ظنّ أمثالَهُ في الدنيا، قَلائِلْ”
تَرَى هؤلاء يُصرّونّ مثلا على أنهم “ضدّ الظلاميّة” وهم لا يملكون عَجُزَ شمْعةٍ في أيديهم، يتبرّعون بضوئها للناس، ويساهمون يها في تبديد الظلام، وأنهم “ضد الرجعيّة” وهم الذين يقتاتون من فُتات ِ رجعية أعجميّة هجينة، رماها أهلها تقزُّزًا وتسخُّطًا في حاويات المجاري الإيديولوجية، ويتبجّحون بالقول أنهم لو مُنِحُوا فرصة ً للحكْم، لاستطاعوا أن يقولوا للجوع انصرف، فينصرف خاسئا، وللبطالة ارحلي، فترحل هاربة، وهم الذين ليس في بيادرهم حفنةٌ من قمح أو شعير، ولا جُرْعةٌ من لبن..
ولكنه السَّفَهُ الإيديولوجي الرّاسب !!!