القاضي أحمد الرحموني
رئيس المرصد التونسي لاستقلال القضاء
.
لا شك ان الكثير قد لاحظ ان الخطاب المتداول بين السياسيين والردود الرائجة بين عدد من المسيسين وخصوصا في الشبكات الاجتماعية (وعلى راسها موقع فايس بوك) قد تجاوزت في مستواها درجات الحدة “المقبولة” وانقلبت في اغلب الاوقات الى تجريح شخصي ممقوت وابراز للمعايب او كما يقول القدماء “مناقلة بالمعاير” اي تناقل للعيوب والمساوئ.
وقد اصبحنا في هذا الزمن المتقلب نفتقد الخطاب الرصين الهادئ (او ما نطلق عليه الخطاب الحضاري) وسط اجواء متلبدة تتميز بالصخب والتوتر والمزاح المذموم الذي يصل الى حد السباب.
.
ومن الواضح ان النقد النزيه (الذي يمكن ان يتخذ شكلا هجوميا وحتى قاسيا) لا يدخل فيما نقصده طالما كان هدفه الاصلاح لا الطعن في اعراض الناس والتجريح فيهم دون دليل.
فهل فقدنا البوصلة حتى نمزج كلامنا – نحن المثقفين – بالفحش والكذب و”كلام الشارع” والمفردات الخادشة والايحاءات الجنسية…الخ ؟!.
هل ضاعت مروءتنا حتى نلقى اصحابنا وخصومنا بلسان التعريض والذم و”المداعبة الثقيلة” ؟!.
هل ادركنا او لم ندرك ان خطابا بتلك الاوصاف يؤدي الى العداوة والقطيعة ويدعو الى الحقد ويوحش القلوب؟!.
هل يمكن ان نستمع – لحظة – الى حديث يحسن الاخلاق؟ : لا تنشب اظفارك في وجه صاحبك او عدوك! ولا تخدش جليسك اوصديقك او خصيمك!
وفي هذا نقل عن المامون انه قال لابنه العباس : قلِّم اظفارك يا بني، لا تدم جليسك فان اخس الناس من كان دم جليسه بظفره !! و”كلامنا قياس موش حصيرة تمشي عليه الناس”!!