نسيم الهرماسي
سيدي الوزير تحية وبعد،
لن أحملك مسؤولية هذا التفاوت الجهوي المقيت في نسب النجاح بين ولايات الساحل المتفوقة وولايات الوسط والشمال الغربي والجنوب التي تحتل ذيل الترتيب… لكن سألتمس منك تفسيرا ما، توضيحا مقنع، تحليل منطقي مبني على دراسات ميدانية لأكفئ علماء الإجتماع وعلماء النفس في تونس علهم يخمدون الحرقة التي تتقد في قلبي وفي قلب كل مربي بل كل مواطن تونسي حر شريف جراء هذا التفاوت الموجع المحير…
هل قدر لتلاميذ الولايات المنسية من كل مقومات العيش الكريم أن يختتموا السنة الدراسية بالحزن والدموع… ألا يكفيهم ظلم التاريخ وجور الجغرافيا وانعدام التنمية وتخبطهم في الفقر والحاجة!!
سيدي الوزير عُينت بمعتمدية ماجل بلعباس من ولايتي الأم الڨصرين المنكوبة دائما سنة 2002 ودرست من التلاميذ من تحدى قساوة الظروف وتفوق ومنهم المهندس والأستاذ والدكتور والمحامي ووو… مررت بمعتمدية سبيطلة من نفس الولاية أين تشرفت بالتدريس مع إطار تربوي كفؤ حققنا معا نسبا مشرفة جدا وتتلمذ على أيادينا تلاميذ تفوقوا على المستوى الوطني وحتى في الخارج… فما الذي حصل حتى يتجلى التفاوت ويصبح ظاهرة تدرس وتُدَرّس؟ أهو المستوى الاجتماعي للتلاميذ وإحاطة الأولياء بهم ؟ أم هي الدروس الخصوصية التي تصنع الفارق شئنا أم أبينا ويحرم منها أغلب تلاميذ المناطق المحرومة ؟
هل أعلموك معالي الوزير أن تلميذا مرسما بكالوريا رياضيات بالمعهد الثانوي بالعيون قد تغيب شهرا كاملا عن الدراسة قبيل الباك سبور ليشتغل عامل بناء بولاية المنستير الساحلية ليتمكن من اقتناء ملابس رياضية لائقة يخلد بها ذكرى هذا الحدث الهام ؟ هل تعلم سيدي الكريم أن نسبة هامة جدا من تلاميذ ولايات الداخل تعاني الفقر المدقع واليتم والظروف المزرية في المبيتات لكنها تثابر وتجتهد متحدية كل العراقيل!!!
أنجدني أرجوك بإجابة تطفئ حيرتي وتخمد وجعي على تلاميذ ولايتي الأم الڨصرين الحبيبة وباقي التلاميذ في الجهات المنسية !!
أختم سيدي بلفت انتباهكم أن هذا التفاوت ناقوس خطر محدق وجب تحليله وإيجاد الحلول الكفيلة بردم الهوة بين مختلف جهات الجمهورية… يقيني أن هذا التفاوت ليس اعتباطيا ولا هو وليد الصدفة بل نتاج عقود وعقود من التهميش والتفقير التي طالت ثلاثة أرباع تراب الجمهورية.
بعيدا عن منطق الجهويات والتقسيم المقيت، أرجو أن يأخذ هذا الموضوع الحيز الذي يستحقه من الاهتمام فالقضية أكبر من جهة ما بل هي قضية وطن.
شكرا على سعة الصدر