تدوينات تونسية

كذبة كبرى فضحها شرط العلاج الوافي والشافي

أبو يعرب المرزوقي

ما الكذبة الكبرى التي تحول دون تشخيص أدواء تونس؟

دعوى وجود شيء جديد بعد الانتخابات يفيد بأن الشعب اختار خطا ثوريا بالمعنى المستعمل حاليا.
فإذا كان تحديد خط أي حزب فلا ينبغي الاعتماد على أقواله بل على أفعاله أو على الأقل ما يوحد بينهما أعني برنامجه.

وبهذا المعنى فلا يوجد إلا ثلاثة برامج جديدة هي:

  1. برنامج مسكوت عنه هو برنامج الرئيس ورديفه الشيوعي.
  2. برنامج علني وصريح هو برنامج القروي وهو محاربة الفقر بطريقة سد الحاجات النباتية.
  3. برنامج ائتلاف الكرامة وهو كما وصفوه حالة وعي بأن القوى السياسية حادت عن مطالب الثورة.

لكنه برنامج سلبي.
وليس له خطة واضحة لاستعادة هذه المطالب في وضعية جعلت تحقيقها أصعب من ذي قبل -بعد ثورة الحرية والكرامة- بسبب ما آلت إليه حال البلاد.

أما الزعم بأن النهضة ثورية وأنها خارج السيستام -المنظومة- فهذه كذبة لا يصدقها عاقل.
وحتى من يزعمون ذلك فيها فهم بالأحرى من جنس ائتلاف الكرامة.
النهضة مع السيستام -المنظومة- الذي ما يزال يرفضها كما كان.
ولم يتغير شيء.
هي تريد مصالحته وهو لا يريد.

والمنظومة هي عينها التي حاول السبسي توحيدها أعني:

  1. بعض بقايا حزب بن علي.
  2. صبابة ابن علي أو ما يسمى باليسار.
  3. فتات لا يكاد يذكر من البورقيبيين.
  4. فتات حزب الشابي والمرزوقي وابن جعفر.
  5. وخامسهم “الماكينة” التي يزعم أصحابها أنها تطحن كل من يعارضها لأنها القوة الاولى في البلاد -كما يزعم رموزها- أي الاتحاد العام التونسي ونظيره أي اتحاد الأعراف.

إذا لم ننطلق من الوصف الموضوعي فستبقى كل “خطّابة معكوسة” تعينها قيادات النهضة النافذة لتشكيل الحكومة تعمل في فراغ.
والتعيين يصحبه توهم سلطان فعلي لما بيد هذه القيادة النافذة: رئاسة المجلس.
وهي حقا غير واعية بأن لا سلطان لها حتى على النهضة وخاصة على شبابها وقواها الحية.

وآمل أن يراجع ساسة البلاد مواقفهم بالنظر إلى حقائق الأشياء وليس الى شعارات لا تطابق وضع تونس المأساوي. وإن كان الغالب على جل القوى التي تدعي صفة السياسة عدم وعيها بأنها بصدد “تفريك” تونس إلى الحد الذي سينهار البناء على الجميع.

ما رأيت ولا سمعت في حياتي قوى سياسية قياداتها بهذا الحمق وعمى البصيرة بحيث تحاول العلاج بالاعتماد على تشخيص كاذب.
فإذا كانوا يجهلون أنه كاذب فهو عين عدم الأهلية.
وإذا كانوا يعلمون فالمصيبة أكبر.

والعلاج إذا قبلنا هذا التشخيص الحقيقي المحرر من الكذبة الكبرى هو تكوين حكومة وحدة وطنية بين كل القوى التي ما يزال لديها إيمان بأن تونس يمكن انقاذها.
وبأن انقاذها قد يتطلب دورتين أي على الأقل أي عقدا كاملا حول برنامج يتخلى عن التخريف الثوري الزائف.
فالمتسول في الرعاية والحماية لا يمكن أن يكون ثوريا.

لا بد أولا من الخروج من مأزق المديونية والدولة الحاضنة والبطالة المقنعة التي جعلت الدولة ومؤسساتها السياسية والاقتصادية والثقافية والتربوية مجرد تكايا لمص دم الجماعة من أجل كذبة كبرى يسمونها دولة.
وهي عديمة السيادة لأن جل من له عليها بعض سلطان لم يعد يستمده من الشرعية الشعبية بل من رضا المافيات التي هي أدوات الاستعمار غير المباشر والمباشر.

والسلام.

اترك رد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock