تدوينات تونسية

لم يغادر ولكنه انطلق

عبد الحميد الجلاصي

1. يمكن أن تتفق مع الدكتور منصف المرزوقي، ويمكن أن تختلف معه، ولكنك لا يمكن إلا أن تحترمه.
مسيرة عقود من النضال الحقوقي والسياسي ضمن مدار ثابت وضمن افكار كلية راسخة وخاصة على هدى أرضية ثقافية وقيمية لا تتزعزع.
هو ابن الجنوب المعتز بجنوبيته.
ابن الجنوب التونسي ببرنسه وبطريقته المميزة في نطق حرف “القاف”.
وهو ابن الجنوب الممتد من الضفاف الشمالية للمتوسط الى اعماق افريقيا.
ابن القارات الثلاث: افريقيا واسيا وامريكا اللاتينية.
ابن هذا الجنوب الذي يسميه البعض عالما ثالثا.
ابن هذا الجنوب الذي سمي عالم عدم الانحياز.
ابن الجنوب الذي يخرج من كسله الحضاري ليصرخ في وجه العالم انه شريك وليس تابعا، وان الديموقراطية والتنمية والعدالة والكرامة حقوق وليست منة.
وان المنزلة الإنسانية واحدة، وإن تعددت تعبيراتها الثقافية، والتنوع عنوان مساواة وليس دلالة ترتيب.
هو ابن الجنوب العربي، شرق المتوسط. يعتز بتاريخه المجيد، ويثور على حاضره التعيس، ويبشر أن “الأقدام العربية ستطأ أرض المريخ”، ويوضح الطريق لذلك.

2. ورث من الصحراء سعتها،
ومن الجنوب إصراره،
ومن مهنة الطب دقة التشخيص،
ومن مهنة التعليم الولع بالبيداغوجيا والتواصل. فكان دائما صاحب رسالة.

3. عندما كنت شابا يافعاً كنت اتابع ما يكتب في جريدة الرأي كما اقرا بخشوع كتابات التحرر من التبعية الحضارية والفكرية والسياسية: مالك بننبي وفرانز فانون وعلي شريعتي وغيرهم.
سنة 1994 تابعت من سجني في القصرين “جرأته” لمنازلة الطاغية في الانتخابات الرئاسية. عوض ان يذهب لقرطاج أحيل إلى السجن المدني بتونس. لم يخسر. فقط ادخرت له الأقدار تلك المنزلة.
سنة 2008 زرته أكثر من مرة صحبة سي حمادي الجبالي للحديث حول أوضاع البلاد وتنسيق جهود القوى المناضلة ضد الاستبداد.
تشرفت بالالتقاء به عشرات المرات خلال مرحلة الترويكا، في إطار هيئات التنسيق بين الاحزاب الثلاثة أو في جلسات الرئاسات الثلاث واحيانا في لقاءات ثنائية آخرها في جويلية 2014 قبل شهرين من الانتخابات وكان حينها شديد على أوضاع البلاد.

4. السيد الرئيس أخطأ وأصاب ككل البشر.
ولكنه حرص أن يكون صادقا كما أن بوصلته كانت دائما ثابتة.
اليوم ينتقل الرئيس إلى آفاق جديدة.
لم يغادر موقع معاركه.
فقط غير الساحة.
عصفور آخر يطير…
وستستفيد تونس والأمة والقضايا الكبرى للإنسانية.
بالتوفيق سيدي الرئيس.

اترك رد

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock