تدوينات تونسية

الإرادة المتفائلة

عايدة بن كريّم

أحيانا في نفس العائلة يكون الأب تجمعي (قديم) والأمّ تموت على خليل وفي كل صلاة تدعي له بالرحمة والأخ الكبير نهضاوي للنخاع وزوجته تيّار وتعشق سامية عبو (اللبوة) والأخ الصغير للطولة قيس سعيد والأخت زوجها تحياوي وهي تحب الصافي سعيد… ومع ذلك العائلة تجتمع حول نفس الطاولة وتقول لبعضها صباح الخير ونهارك سعيد. ويسلّموا على بعضهم بالبوس ويضحكوا على نفس الحكاية ويبكوا لنفس الأسباب…
هذا هو الإستثناء التونسي متنوعين لكن ما نهزوش على بعضنا السلاح.

نتناقش ونتوتّر وأصواتنا ترتفع لكن في آخر السهرية نقول لبعضنا تصبح على خير وليلتك زينة… ونرقد دون خوف من بوليس سياسي يداهمنا ولا رعب من متزمّت أيديولوجي يذبحنا وأحنا راقدين.
أغلب السياسيين نشوفوهم في البلاتوهات ماكلين بعضهم… لكن في نفس اليوم تلقاهم في مقهى أو في حانة أو في جامع بجنب بعضهم….
الصورة متاع حاتم المليكي ومحمد الحامدي تعكس واقعنا الراهن…. وهي رسالة إيجابية لمن يظنّ أنّ التوانسة ممكن يدغروا بعضهم بسكين لأنهم مُختلفين سياسيا.
يوجد بيننا مرضى وموتورون يتمنوا يشوفوا التوانسة “طوائف” متحاربة وهازة السلاح في وجه بعضها.
المشهد معقّد برشة و”القديمة” لن يهنأ لها بال حتى ترى التوانسة في وضعية ليبيا أو اليمن أو العراق…. هي لم تستطع أن تجعل من ساحة باردو “رابعة”. وفشلت في عسكرة القصبة وقرطاج. فسلكت طريق “الفتنة”…
الإنتقال بالسرعة القصوى إلى التخويف وصناعة الأخيولة الأمنية وبثّ الشكّ في نفوس التونسيين… لترفع من درجة الإحتقان وتُحوّل الإرادة المتفائلة التي أفرزتها لحظة “الشعب يريد” إلى حالة شكّ وريبة وإحباط.
في ظرف شهر: حكاية طالب كلية الطب التي تحولت بفضل ماكينة الإعلام إلى قضية رأي عام… ثمّ حكاية شوشو التي يعلم الراسخون في السياسة فقط مدى صحّتها. وحكاية آدم الشاب الذي قُتل في ملهى ليلي والتي تحولت إلى قضية رأي عام من أجل التغطية على حيثيات ما نعرفوهاش…
القديمة المُنكسرة من لطخة الإنتخابات… كقطّة موجوعة تزرط صغارها كان حسّت أنّ مصالحها ذاهبة إلى العدم.
كفى تفتينا وصبّان زيت على نار موش شاعلة.

اترك رد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock