تدوينات تونسية

الرئيس ليس نبيا ولا شيطانا

توفيق رمضان

نعم فاز قيس سعيد بالانتخابات وأصبح رئيسا بنسبة محترمة جدا من الاصوات 100/72 فوز جعلنا ننتبه إلى ما يمكن أن يقوم به شعب الفايس بوك. فالرجل كما قيل لا ماكينة انتخابية تدعمه، لا اعلام ولا مال وهذا مخالف لطبيعة الحملات الانتخابية السابقة، فلم نشاهد لقاءات شعبية ولا حضور اعلامي كثيف ومع ذلك أصبح رئيسا.

نتفهم انبهار أنصاره به ورغبتهم في دعمه للوصول إلى أبعد مدى في تحقيق أهداف الثورة التي تنكر لها من حكم البلاد أو عجز عن تحقيقها. رغم اليقين بأن رئيس الجمهورية افقده الدستور عصاه السحرية وسحب البساط من تحت قدميه والصلاحيات من بين يديه فلم يعد يملك من الأمر شيئا أو على الأقل ليس كما يظن البعض ممن لازالت ذهنياتهم تستبطن صورة رئيس ما قبل الثورة القادر على تغيير اقدار الناس بجرة قلم وبامر يصدر يستجيب له الجميع خوفا وطمعا، قلنا رغم هذا اليقين يصر البعض على أن الأمر تغير مع قيس سعيد الذي اصبحت له مشروعية غير مسبوقة عجزت الأحزاب الممثلة في البرلمان عن التمتع بها وهذا ما منحه رمزية ربما تحرج البرلمان والحكومة وتجعله الآمر الناهي في المشهد لان لا احد يريد معاداة شعبيته الضخمة فالكل يعمل على استقطابها طالما يصر الرئيس على البقاء مستقلا.

نعم قيس سعيد يشهد له الجميع بالنظافة والحيادية والاستقلالية لكنه يبقى رجلا يمشي في الأسواق، يجلس في المقاهي ويحلق شعره عند الحلاق وربما ينبر قليلا عن كرة القدم ويشاهد سلسلة شوفلي حل ويضحكه السبوعي… أي أنه واحد من هذا الشعب فلا تجعلوه إلاها يعبد، نبيا معصوما يوحى إليه لا ينطق عن الهوى، قيس سعيد رئيسنا نحترمه لكن ننقده وخيرنا من أهدى إليه عيوبه وان رأينا منه اعوجاجا قوّمناه فما أهلك أقواما قبلنا إلا تأليههم لملوكهم ورؤسائهم فهل نسينا «سيد الاسياد » و«الله احد الله احد» كذلك كانت الانطلاقة واخشى ان يعاد الأمر مع قيس سعيد.

من حق أنصار الرئيس دعمه والاحاطة به وتصويره كبطل خارق قادر على الإتيان بما عجز عنه الأوائل لكن من حق آخرين أن لا يرونه كذلك وينقدون كل خطوة او موقف يتخذه.
موضوع القلابس الذي أثار لغطا كبيرا رغم ان الأمر لا يستحق، فبعد الثورة استبشرنا بمساحة الحرية التي اهدانا اياها شعبنا وحضرت القلابس لجميع الشخصيات السياسية فضحكنا معها كما نعجب بالرسوم الكاريكاتورية لنفس الشخصيات وهذا من أجل هدم أصنام عدة ظلت تسكننا منذ عقود وانعتاق من قيود كانت تلجمنا وتمنع عنا تناول عديد المواضيع التي بقيت مخفية لا يجوز تعريتها كأنها عورة مغلظة، سردية خلقت لنا أشخاصا لا يأتيهم الباطل من بين ايديهم ولا من خلفهم فتجبروا وتكبروا وعلوا علوّا كبيرا.

كما هناك مؤلهو الرئيس هناك مشيطنوه الذين لم يقبلوا به ساكنا لقرطاج بعدما سكنه آلهتهم الأولون حتى وإن اعترفوا جهرا بنتائج الانتخابات وانحنوا لإرادة الشعب فالقوم في السر غير القوم في العلن، فتدوينات بعض النخب من الإعلاميين خاصة لا تزيد إلا تعكيرا للأجواء لأن فيها تقليل من شأن ناخبي قيس سعيد وربما سبّهم من أجل خيارهم. نريد من أتيحت له فرصة المساهمة في تشكيل الرأي العام وصناعته أن يرتقي بالخطاب ويؤسس لممارسة نقدية جدية على أساس معايير واحصائيات وأرقام لتخلق حالة وعي حقيقية لا كما نراها اليوم.
من يأله الرجل فهو يسىء له من حيث لا يدري ومن يشيطنه فهو يساهم في خلق حزام قوي حوله وفترة الحملة الانتخابية وما صاحبها من خطابات أرادت عرقلة الرجل خير دليل إذ هي أعطت دفعا أكثر للشباب للتصويت بكثافة له وربما ساهمت في بروز نوعية من الخطاب الصدامي والعنف اللفظي الذي قد يصل الى العنف المادي إن لم يحضر العقل النقدي لا العقل الذي يشوّه أو يألّه.

اترك رد

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock