تدوينات تونسية

في سقوط النخبة وانتخاب السقوط ..

علي المسعودي

“اليسار فدائي وملاذي الأخير، اليسار الشيوعي، الاشتراكي، الماركسي اللينيني، اليسار الذي أهدى للعالم الثورات العارمة…”
توفيق بن بريك 
من هنا كانت البداية، بداية الدعارة السياسية المتستّرة باليسار ومقولات الصراع.
توفيق بن بريك هو نموذج “اليساري” الذي يفضل المشي عاريا إلا من سوأته، في زمن انتحر فيه كل اليسار..
توفيق بن بريك هو “اليساري” الوحيد الذي تخلّص من خجله الموروث وقَبِلَ أن يكون موديلا للرسم في استوديوهات قناة الارتزاق والعار.
توفيق بن بريك هو وجه الحقيقة الفاضح لنخبة أشرف من فيها قحبة تمنح ما فوق وتحت السرّة بدينار.
توفيق بن بريك هو راقص تعرّ في حانة السياسة، وفي نهاية الحفل نزع خرقة القماش عن أليته فصفق له بعض، واستنكر الجرأة لا الفعل بعض اليسار.
في أقصى زاوية من عقل اليسار الوظيفي ينام دائما هذا الراقص المحبوس تقيّةً، هذا المهرّج الذي لا وظيفة له إلا إضحاك المافيا ورجال الأعمال.
وليس توفيق بن بريك إلا هذا النائم وقد استيقظ، وتخلص من كل عقال.
يا أولاد… اليمين الحقيقي أطهر من أطهركم، واليسار الحقيقي أشرف من أشرفكم.. وما أنتم إلا غلمان في بلاطات بني مروان.
ما الذي فعلتموه منذ ربع قرن غير التمايل على أنغام الحاكم وطبلته المزمار ؟..
من سيصدق أنكم كنتم نصيرا للعامل والفلاح ؟
وأن بكاءكم ليس أكثر من دمعة تمساح ؟
الحقيقة الساطعة هي كالتالي: وراء كل رجل أعمال فاسد “يساري” متمعش يمتهن تبييض سواد وجهه، وسواد الأفكار.
قمة الكوميديا أن يجرؤ دعيّ مثل بن بريك على وصف نبيل القروي ببطل إغريقي، أي نصف إله !!!.. إنها زندقة معلنة وكفر بالذكاء الآدمي، وبكل الايديوليجيات والأفكار والأديان.
وكأن اليسار لم يكفه إصبع الوسطى الذي لوّح له به الشعب، حتى ينُكَب بهذا الظهور المأساوي لرجل طالما كان مثارا للفخر عند البعض، وكان على يسار اليسار..
•••
عندما تهرول “النخبة المثقفة” والجامعية نحو عبارات المناشدة لرجل أدانته حقيقة التاريخ قبل القضاء، وعندما يتلكّأ اليسار الرسمي بين التأييد المعلن للمافيا وبين الامتناع أو إسقاط ورقة بيضاء، فكن على يقين أننا أمام قضايا انتحال صفة بالجملة بدء من صفة (النخبة)، و(المثقف) و(الجامعي) وانتهاء (باليسار).
توفيق بن بريك يرونه مفردا، وأراه متعدّدا..
منذ اليوم سأقول شعرا في كل الثوريين القصوويين، وفي كل الأناركيين الحالمين الذين ضحكوا للنكتة منذ البداية، وأدركوا أن اليسار الوظيفي هو عمل من أعمال الدعارة، وقد جُرّمت وفق كل قوانين النضال..
أستغفر الله، لا تجوز على الميت غير الرحمة، ولكن هذا التوفيق، أخرج أسوأ ما في قلمي منذ أن اعتاد الكتابة في هذا الفضاء..

اترك رد

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock