مقالات

هيئة الإنتخابات تلمّح إلى إيقافها الدّور الثاني من الإنتخابات الرئاسيّة إلى حين إطلاق سراح نبيل القروي..!!

عبد اللّطيف درباله

في تطوّر لافت.. ألمح فاروق بوعسكر نائب رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات اليوم الجمعة 27 سبتمبر 2019 إلى أنّ الهيئة ستنافش بعمق وضعيّة نبيل القروي المترشّح الثاني للدّور الثاني من الإنتخبات الرئاسيّة.. باعتبار أنّ تواصل إيقافه بالسّجن.. يحرمه من المشاركة في الحملة الإنتخابيّة.. وهو ما يشكّل إخلالها بشفافيّتها ونزاهتها وبمبدأ المساواة بين المترشّحين فيها..
وقال عضو هيئة الإنتخابات في تصريح لجريدة “الشارع المغاربي”.. أنّ الهيئة هي الكافلة لتكافئ الفرص.. وأنّ الدّستور أعطاها مهمّة الإشراف على الانتخابات بصفة شفافة ونزيهة.. مشدّدا على أنّ عدم المساواة بين المترشّحين قد يشكّل حرجا كبيرا للهيئة.. ويهدّد شفافية العملية الانتخابية ونزاهتها..
أكثر من ذلك.. فإنّ بوعسكر لمّح إلى أنّ نتيجة الإنتخابات في غياب نبيل القروي المسجون قد تصبح مختلّة.. وعرضة للطّعن القضائي فيها.. وعدم القبول بنتائجها.. “معتبرا ذلك تهديدا للعملية الانتخابية والمسار الانتخابي”..!!
وأبرز أن مجلس الهيئة “قلق بشأن هذه الوضعيّة”.. وأنّه سيكون له موقف أكثر صراحة في ملف القروي قبل انطلاق الحملة الانتخابية (الثانية)..
مشيرا إلى أنّ الهيئة مازالت تنتظر تفاعل السلطة القضائية.. قائلا للصحيفة المذكورة: “صحيح أن القروي أوقف بأمر قضائي.. لكنّ لهيئة الانتخابات ولاية عليه أيضا باعتباره مترشّحا.. وفائزا في الدور الأول.. ولنا الحقّ في قول الكلمة”..!!
الموقف التصعيدي لهيئة الإنتخابات يأتي بعد تزايد المطالبات والنداءات والضّغوط.. من داخل وخارج تونس.. لإطلاق سراح نبيل القروي.. من أجل إستكمال حملته الإنتخابيّة إستعدادا للدّور الثاني الذي ترشّح له..!!
وكان مطلب الإفراج المؤقّت عن نبيل القروي سينظر له من طرف دائرة الإتّهام بمحكمة الإستئناف بتونس يوم أوّل أمس الأربعاء.. إلاّ أنّ إضراب القضاة حال دون البتّ فيه.. وأجّلت الجلسة إلى يوم 2 أكتوبر القادم..
وتوجّهت الهيئة العليا المستقلّة للإنتخابات سابقا أيضا بطلب رسميّ إلى قاضي التحقيق المتعهّد بالقضيّة.. لإطلاق سراح القروي مؤقّتا لإستكمال حملته الإنتخابيّة..
إلاّ أنّ القضاء لم يجب على الطلب.. خاصّة وأنّه من الناحية القانونيّة فإنّ الهيئة لا صفة لها لتقديم طلب الإفراج المؤقّت عن متّهم في قضيّة تحقيقيّة لا دخل لها فيها..!!
يأتي ذلك في وقت ترجّح التقديرات والتوقّعات حتّى الآن فوز أستاذ القانون الدّستوري قيس سعيّد على نبيل القروي في الدّور الثاني بفارق مريح جدّا يبلغ حوالي 20 نقطة مئويّة..!!
في حين تضع التوقّعات عن نوايا التصويت حزب قلب تونس لنبيل القروي منافسا جديّا على المرتبة الأولى أو الثانية في الإنتخابات التشريعيّة..!!
جدير بالذّكر أنّ إمكانيّة إيقاف الدّور الثاني من الإنتخابات الرئاسيّة من طرف الهيئة المستقلّة للإنتخابات.. وإن كانت تأتي بمبرّرات قانونيّة معقولة من حيث مبدأ المساواة وتكافئ الفرص.. خاصّة باعتبار أنّ القروي لا يقضّي بالسجن عقوبة محكوما بها بمقتضى حكم قضائي نهائيّ وباتّ.. وإنّما هو فقط موقوف على ذمّة التحقيق وقتيّا كمتّهم.. ولم تثبت في حقّه التهمة قضاء وقانونا..
وباعتبار أنّ ظروف إيقافه كانت محفوفة بشبهات تأثير سياسيّ.. ومشكوك في صحّة إجراءاتها..
فإنّ فرضيّة تعليق الإنتخابات الرئاسيّة تصطدم أيضا بمعطيات دستوريّة وقانونيّة أخرى..
أوّلها أنّ الدستور يفرض أن لا تتعدّى مدّة رئاسة الرئيس المؤقّت 90 يوما لا غير.. ممّا سيجعل إيقاف وتأجيل الإنتخابات الرئاسيّة يخرق الدّستور..!!
كما أنّه في صورة تعليق وتأجيل الإنتخابات.. فإنّه لن يمكن القطع بأجل ذلك ولا بمدّته.. باعتبار أنّ إطلاق سراح القروي قد يتمّ الأسبوع القادم.. كما قد يتمّ بعد عدّة أشهر.. وفي أقصى الحالات فإنّ القانون يفرض المدّة القصوى للإيقاف بأربعة عشرة شهر.. بما يعني أنّ المفعول القانوني للإيقاف التحفّظي للقروي مازال نافذا لمدّة 13 شهرا أخرى.. إن لم يقرّر القضاء تلقائيّا الإفراج المؤقّت عنه في الأثناء..!!
وهو ما يعني أنّ الهئية ستجد نفسها في ورطة إن قرّرت إيقاف وتأجيل الدّور الثاني من الإنتخابات الرئاسيّة.. لكونه لا يمكنها تحديد موعد جديد للإنتخابات.. ولا يمكنها في نفس الوقت إطالة أمد فترة الرئاسة الوقتيّة لمحمّد الناصر إلى ما لا نهاية ولا أجل..!!
تتعقّد الأمور أكثر.. بغياب المحكمة الدستوريّة للبتّ في مثل هذه المواضيع..
وكذلك بانعدام أي قوانين تتعرّض لحالة إيقاف مترشّح للرئاسة بالسّجن أثناء الحملة الإنتخابيّة.. مقابل وجود نصوص قانونيّة تخصّ مثلا حالة وفاة مترشّح أثناء الحملة..!!
إضافة إلى ذلك فإنّه ليس للهيئة سلطة أو لاية على القضاء.. حتّى وإن كان لها ولاية على الإنتخابات..!
على النقيض من ذلك.. فإنّ الحالة الأخرى قد تكون محرجة أيضا..
وموقف القانون غير واضح فيها.. وسيخضع للتأويلات والقراءات المختلفة.. وهي إن فاز نبيل القروي بالإنتخابات الرئاسيّة وهو في السّجن.. ورفض القضاء مع ذلك إطلاق سراحه..!!
فماذا لو ذهبت التأويلات والتحليلات القانونيّة إلى اعتبار أنّ الحصانة للرئيس يمتدّ مفعولها طوال ولايته الرئاسيّة طبق النصّ الحرفي للدستور.. وهي مدّة الولاية التي يفترض أنّها تبدأ منذ آداء الرئيس المنتخب اليمين الدستوريّة كرئيس للجمهوريّة وإستلامه السّلطة من الرئيس السّابق له.. وتنتهي بتسليمه السّلطة رسميّا للرئيس اللاّحق له بعد أداء هذا الأخير لليمين..!!
وبالتالي فإنّ الحصانة قد لا تبدأ قانونا ودستورا قبل ذلك.. أي قد لا تبتدأ من تاريخ إعلان هيئة الإنتخابات النتائج النهائيّة الرسميّة..
وهو ما قد يزيد من تعقيد المشكلة..!!!
فهل تتخّد الهيئة العليا المستقلّة للإنتخابات قرارا خطيرا وجريئا ومثيرا لردود فعل عارمة.. بتعليق وتأجيل الدّور الثاني من الإنتخابات الرئاسيّة..؟؟!!
أم أنّ القضاء قد يبادر في جلسة الأسبوع المقبل بالإفراج المؤقّت عن نبيل القروي ويقطع الطّريق على كلّ تلك التعقيدات والفرضيّات..؟؟!!
وهل أنّ الهيئة العليا المستقلّة للانتخابات.. التي اعتبرت أنّ سلطتها وولايتها قد تؤثّر حتّى على القضاء.. وإذا ما نجحت في إقناع هذا القضاء بإطلاق سراح نبيل القروي لضمان نزاهة الإنتخابات.. وتكافئ الفرص.. يمكنها أيضا أن تضمن ما يدخل في كامل ولايتها وسلطته.. وهو نزاهة الحملة الإنتخابيّة وتكافئ الفرص بين القروي وسعيّد.. وعدم خرق القروي للقانون الإنتخابي باستعمال قنوات تلفزيّة خاصّة في الإشهار السياسي.. وفي تشويه منافسه.. وعدم استغلاله العمل الخيري في حملته الإنتخابيّة.. وفي الحصول على أصوات الناخبين..؟؟!!!

اترك رد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock