تدوينات تونسية

انقلاب مزعوم يخفي وراءه انقلابا مخطّطا له

سامي براهم

الفكر الانقلابي
نخب جامعيّة مرموقة تبرّر ما صرّح به وزير الدّفاع “في إجازة لحملة انتخابيّة” من تخطيط وعزم على تطويق البرلمان بالدبابات لمنع الانقلاب على الشرعيّة من داخل البرلمان.
لا أكاد أصدّق أنّ هؤلاء هم أنفسهم الجامعيّون المدافعون عن الدّولة المدنيّة، يفترضون أنّ انقلابا يمكن أن ينبثق من تحب قبّة برلمان يضمّ كلّ أطياف الأحزاب والفئات والنّخب والجهات، في ظلّ دستور حدّد منظومة الحكم ونظّم بشكل واضح طرق إدارة السّلطة وانتقالها،
يفترضون أنّ البرلمان ممثّل الشرعيّة يمكن أن ينتج انقلابا على الشّرعيّة يقتضي تدخّل الجيش لإعادة الشرعيّة !!!
أيّ عقل يقود هؤلاء وأي وعي مدني وأيّ حسّ وطني وأيّ ثقافة مواطنيّة وأيّ تقدير لمصلحة البلد ؟
انقلاب مزعوم يخفي وراءه انقلابا مخطّطا له

  • أوّلا : منذ البداية المسألة تتعلّق بإشاعة سخيفة للتسويق السياسي الأصل أن الجيش ليس شخشيخة تحرّكه الإشاعات لينساق وراءها.
  • ثانيا : ليس للمؤسّسة العسكريّة وللجيش ولوزارة الدّفاع الوطني سلطة تقديريّة تقريريّة ذاتيّة انفراديّة لتنفيذ ما يراه صالحا للبلد وإلا لأمكنه في أيّ لحظة أن يقفز إلى الشّأن السياسي تحت طائلة اجتهاد وتقدير انفراديّ.
  • ثالثا : البرلمان هو مصدر الشرعية وهو سلطة أصليّة ومكوّن من كتل ولجان وأكثر من مائتي نائب شعب بكامل صلاحياتهم ولا يمكن أن يتواطؤوا جميعهم على ارتكاب فعل مناقض للدستور والقانون.
  • رابعا : انحراف لأيّ مجموعة برلمانيّة رغم صعوبته نظريّا وواقعيّا يمكن بسهولة إفشاله من داخل المؤسّسة نفسها.

يعني ما ورد في تصريح السيد وزير الدّفاع سيناريو صبياني سخيف يسيء إلى الجيش الوطني وللمؤسّسة العسكريّة ويسيّسها ويورطها في تجاذبات سياسوية انتخابويّة ضيقة فضلا عمّا فيه من إفشاء أسرار عسكريّة وضرب لهيبة الدّولة ومؤسساتها السياديّة وما لذلك من أثر على نظرة العالم للتجربة الديمقراطية في تونس.
لكن تبقى الأسئلة المعلّقة لهذا التّصريح :

  • أوّلا : هل كان السيناريو الوهمي للانقلاب هو لتبرير الانقلاب كان مزمعا القيام به بإشراف وزير الدّفاع ؟
  • ثانيا : هل كان نداء تونس وذراعه الإعلاميّة الذين أثاروا شبهة “الانقلاب البرلماني” هو من خطط لسيناريو الانقلاب العسكريّ بتواطؤ من رئيس البرلمان الذي تحصّن بالصّمت لمزيد إثارة الشّكوك حول ما وقع؟
  • ثالثا : ما هو موقف الجيش الوطني والمؤسّسة العسكريّة وكبار قيادييها ممّا كان مبرمجا ؟ هل يمكن أن يكون الجيش لعبة بيد السياسيين يوجّهونه لتحقيق مآربهم ؟
  • رابعا : هل تلقّى من نسجوا هذا السيناريو الخطير ضوءً أخضر من الخارج لتنفيذه ؟

أسئلة الأصل أن تفتح فيها النيابة العموميّة تحقيقا لمعرفة كلّ ملابسات ما وقع.
القادم أفضل
عرض المرشّحين لبرامجهم وأفكارهم وجوابهم عن أسئلة محاوريهم ليس مجرّد عمليّة استعراضيّة لمغازلة النّاخبين واسترضائهم بل اكتشاف لشخصيات السياسيين المركّبة من حيث برامجهم وأفكارهم وأمزجتهم وخلفياتهم السياسيّة والأيديولوجيّة ومن يقف وراءهم.
الانتخابات الحرّة في مناخات ديمقراطيّة حقيقيّة منظّمة بالدّستور والقوانين والهيئات المستقلّة، قيمتها ليس في ما تفرزه من مرشّحين للرّئاسة أو البرلمانات بل في ما توفّره من سياقات لتطوير الملكة السياسيّة والحسّ المدني والثّقافة المواطنيّة التي تؤهّل المواطن لتجسيد مواطنته.
هذه المواطنة لا تتجسّد عبر الانتخاب وحسن الانتخاب فقط بل كذلك بمراكمة الوعي الذي يمكّن فهم العمليّة السياسيّة بمختلف مؤثّراتها وإكراهاتها ومواطن الفعل فيها بشكل يجعل المواطن قادرا على القيام بدور المتابعة عبر النّقد والتقييم والرّقابة التي بهذا يكون المواطن مواطنا.
تونس تمرّ بمرحلة متقدّمة في الانتقال الدّيمقراطيّ يمكن لو واصلت على نفس النّسق أن تفضي إلى مناخات إيجابيّة تساعد على ضبط منوال للتنمية تجتمع على صياغته وإنفاذه مختلف المكونات الوطنيّة.
مهما كانت العوائق والعراقيل والتعثّرات القادم أفضل.
https://www.youtube.com/watch?v=eD4ZedLd-x0

اترك رد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock