تدوينات تونسية

ثورة الفوضى… والوعي أيضا…

إمحمد ضيف الله

يتباكى جزء مهم من الشعب التونسي منذ ثماني سنوات عن الاستقرار في تونس.. الاستقرار الاجتماعي والأمني وخاصة استقرار الأسعار والأداءات الذي كان ينعم به المجتمع سنوات النظام النوفمبري وهو محق في ذلك لا محالة فقد عجزت حكومات ما بعد 2011 لأسباب يطول شرحها ومعلومة لدى الجميع عن السيطرة على الأوضاع الأمنية والاقتصادية وأصبحت مفردة كالفوضى مثلا يتداولها الجميع بلا استثناء وبلا وجل أو خوف تتردد على الألسن الخبيثة وغير الخبيثة كلمات من نوع: ثورة أية ثورة هذه التي جاءت بالفوضى الاجتماعية والنقابية والإدارية وحتى الحزبية فضلا عن فوضى العمل البلدي التي يلحظها التونسي والزائر للبلد بالعين المجردة…
نحن لم نرى من الثورة سوى الحرية التي أنجبت الفوضى. وزادت الفقير فقرا والغني غنى. هكذا يعبر المواطن العادي غير المسيس عن وجهة نظره… ولكن هل صحيح أن ثورة جانفي 2011 ضد نظام مستبد وظالم لم تنجب سوى كل هذه السيئات؟
حين نتأمل بعين النزاهة والموضوعية أقول لا.. ففي عقول العديد من التونسيين صارت ثورة أيضا ثورة وعي.. نعم وعي بمصير البلد ومسيرته السياسية والاقتصادية وأصبح جيل ما بعد الاستقلال خاصة من رواد مواقع التواصل الاجتماعي وهم كثر يتحدثون عن الثروة المنهوبة في تونس منذ عشرات السنين وأصبح النبش في تاريخ الوطن منذ الاستقلال إلى اليوم متاحا للعموم وكيف عقدت الصفقات بين “الزعيم” ودولة فرنسا التي ترفض أن تتركنا نحدد مصير وطننا ثم نظام بنعلي الذي كان يبيع ويشتري مع الفرنسيس وحتى الموساد… هذا الوعي الجمعي هو الذي أحدث ضغطا رهيبا على المستعمر الفرنسي كي يقدم بعض الخدمات لتونس وخاصة للشعب في محاولة لامتصاص غضبه ناهيك وان المصالح القنصلية بسفارة فرنسا مثلا قدمت في 2018 وحده حوالي 100 ألف تأشيرة دخول وسياحة للراغبين في السفر..
لكن نهب فرنسا للثروة في تونس ما يزال قائما ومقننا للأسف الشديد وعلى التونسيين (نوابا ومجتمع مدني وخاصة فيسبوكيين) يجب أن يتواصل لسنوات وسنوات حتى يقع فك الارتباط تدريجيا مع هذا “الغول” بل أن الخلاف الايطالي الفرنسي حول إعادة توزيع المناطق والبلدان بغاية نهبها هو الذي ساهم في جعل العديد من النخب وعامة الناس اقتناعا بحقيقة ما يقوله شباب الثورة خلال السنوات الفائتة ولعل تصريح نائب الوزير الأول الايطالي أمام الإعلام المحلي والدولي نهاية جانفي الماضي من أن على فرنسا التوقف عن نهب ثروات إفريقيا وتونس تحديدا هو الذي زاد الطين بلة وأشعل فتيل الفضاء الافتراضي هذا الفضاء الذي أصبح إعلاما بديلا فعلا في ظل إعلام تونسي مأجور وبعيد كل البعد عن هموم الوطن والمواطن.

اترك رد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock