تدوينات تونسية

"إلّي يعمل الخير مايصوروش" !!

صالح التيزاوي

علّق الدّكتور مصطفى بن جعفر رئيس مجلس النّوّاب السّابق في حكومة الترويكا عن حزب التّكتّل، على قسوة نبيل القروي في كسر قلوب المفقّرين من شعبنا وإذلالهم وإيذاء مشاعر أطفالهم: “إلّي يعمل الخير ما يصوروش”..
نبيل القروي ليس سوى بن علي جديد، يسير على خطاه ذراعا بذراع وشبرا بشبر، أليس هو “بوه الحنين”؟ فمن شابه أباه فما ظلم. استعمل القروي قناة نسمة على طريقة بن علي في توظيف الإعلام واستعمل العمل الخيري مثله تماما، طلبا للتّمجّد (البحث عن مجد زائف).. فتمكّن بن علي من رقاب العباد لربع قرن، وليس من المستبعد أن يصل القروي ألى السّلطة..
مخطئ من يظنّ أنّ المال يشري الفقراء فقط.. لقد شرى بن على حتّى من كانوا في نظر النّاس نخبا من سياسيين وإعلاميين وكتّاب ومؤدلجبن دخلوا لجان تفكير التّجمّع، ولم يلبثوا أن تحوّلوا إلى “صبّابة” يعملون لمصلحة المستبدّ (الوطد نموذجا).. المال عند من لم يتطلّع يوما في حياته إلى أن يكون ديمقراطيّا يشرى كلّ “كلب بن كلب”، حتّى وإن كان تروتسكيّا قديما، لطالما تاجر بفقر شمالنا في الجريصة وفي الكاف وجومين وسجنان وبازينة، وعندما جاءت اللّحظة الحاسمة، انتصر للبرجوازيْة وللمتحيّلين وللمتهرّبين من دفع الضّرائب ومن ناهبي المال العام… وتجرّد حتّى من وفاء الكلب لأهله..
لم يكتف بن علي وعصابة السّرّاق بنهب المال العام دون رقيب ولا حسيب، فأسّس بإيعاز من مستشاري السّوء، صندوق (26_26)، تجبى إليه سنويّا الأموال رهبا ورغبا بقوّة أجهزة الدّولة، توزّع منه بعض الدّنانير على لحّاسين صغار يستعملهم لحّاسون كبار (قليل من أكياس المقرونه والسّكّر ومثلها من علب الطماطم وقوارير زيت الحاكم) وسط “بروبقندا” إعلاميّة، تتكفّل بها قناة سبع نوفمبر… فيما ينفرد هو بالجزء الأعظم من مداخيل الصّندوق. وعلى دربها سارت قناة العائلة وعلى درب المخلوع سار القروي فأسّس جمعيّة خيريّة تحمل اسم المرحوم ولده، لاختزال المسافة إلى السّلطة طلبا لمكاسب أكبر…
ما كان أغنى ضعفاء الحال عن قسوة بن علي ومن بعده نبيل القروي بإذلالهم أمام عدسات الإعلام لو قامت الدّولة بواجبها في تحقيق التّنمية في المناطق المهمّشة ولو دفع أباطرة المال ما عليهم من ضرائب مستحقّة للدّولة؟
وهل كان الأمر يستدعي ظهور نتائج سبر الآراء التي تضغ متحيّلا في طليعة نوايا التصويت حتّى قبل أن يعلن رسميّا عن تكوين حزبه لتكتشف الحكومة أنْه يوظّف العمل الخيري لتحقيق مكاسب سياسيْة؟ وماذا تنتظر الحكومات المتعاقبة بعد الثّورة لغيير منوال التّنمية حتّى تنقذ مفقّري الجهات المحرومة من التّنمية من كلّ متحيّل ودجّال يمكن أن يتاجر بمآسيهم ويتّخذ منهم مطايا إلى السّلطة؟

اترك رد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock