تدوينات تونسية

هزيمة نكراء لبن عكاشة في البلديات الجزئية لسوق الجديد

شكري بن عيسى

أفصحت صناديق البلديات الجزئية التي اجريت أمس الاحد 26 ماي 2019 عن نتائجها الأولية، بتصدر النهضة بثلاثة أعضاء وقائمة “احبك يا شعب” والتيار الديمقراطي بعضوين، الا أن اللافت للنظر هو تدحرج حزب الشاهد الى المراتب الاخيرة بعضو وحيد، في مقابل هيمنة واضحة للمستقلين الذين حصدوا في مجملهم 12 من جملة 18.
ويبدو واضحا أن أبرز “الجرحى” في هذه الانتخابات “البروفة”، التي جاءت في وقت مفصلي مباشرة بعد بلديات 2018، وقبل اشهر قليلة على تشريعيات ورئاسيات 2019، هو قائد البروباغندا الاعلامية للشاهد بوبكر بن عكاشة، الذي كان ليلا نهار في تزويق مفضوح لساكن القصبة وتغطية ماكرة على اخفاقاته، وحوّل “موزاييك” كما “التاسعة” الى منصة للدعاية الفجة، فاق فيها ابرز رؤوس التزويق السياسي في عهد بن علي مجتمعين برهان بسيس وسمير العبيدي وعبد الوهاب عبد الله.
ولا ندري الحقيقة كيف ستكون ردة فعله اليوم، وقد كان يلتقط الشاردة عندما تكون في فائدة حزب الشاهد لينفخ فيها، ويهون الى حد النفي لكل اخفاقات القصبة وحزبها حتى لو كانت بحجم الجمل، وكان مدافعا عنيدا بمرافعات طويلة مستشرسة مع مديري مراكز الاستبيانات الذين لم ينفخوا في حجم الشاهد وحزبه، الى حد اننا خلناه سيحولهم الى النيابة العمومية ومراكز البحث.
فالخيبة بالفعل كبرى والمرارة ستكون عميقة، وغير غريب ان جاءكم اليوم بتقليعة جديدة لتبرير الهزيمة الساحقة، فأهل البروباغندا يبررون كل شيء، والرجل اليوم تم مسه في “كبريائه” و”عظمته” الاعلامية، وقد وعد الجماعة بانه سيوصلهم الى قمة الهرم باسرع وقت، وانه سيكون “صوتا” ضاربا لحزبهم، وأكيد أنه لم ينم البارحة وهو غارق في البحث عن احدى “التخريجات”، لتبرير اخفاقه الذريع في سوق الجديد، التي سفهت احلامه بكل تلويناتها.
وبالفعل فالنتيجة صاعقة باتم معنى الكلمة، لحزب ادعى انه ولد “عظيما” وانه يعد من أول أسبوع 100 الف منخرط، فلم يقدر على حشد سوى 200 أو أزيد بقليل من جملة ما يزيد عن 4000 صوت محتسبة، أي قرابة 5% مع حصول على عضو وحيد بـ”أكبر البقايا”، وهي بالفعل فضيحة مدوية، بعد ان اتهمه ابرز شركائه في الحكم النهضة (فضلا عن المعارضة) باستعمال وسائل الادارة، ووظف المال وكل قدراته وامكانياته ومع ذلك يعجز على حصد عضوية نائب وحيد دون “اسعاف”، عبر ما يسمى نظام “البواقي”، وسبقته تقريبا أغلب القائمات المستقلة، التي حصدت قرابة ثلثي المقاعد، وتدحرج هو الى المرتبة قبل الاخيرة وفي احسن الحالات الثامنة.
والواقع أن المشهد السياسي لم يستقبل هذا الحزب الهجين كما تم الترويج والدعاية المركّزة له، فالولادة كانت مشوهة والمولود شبه ميت، وهذه الانتخابات الجزئية كرست اتجاه صعود المستقلين الذين حصدوا 12 من 18 مقعد، ولو ان بعض القائمات حزبية حيث النداء دخل من خلال يافطة مستقلة، وبالمقابل كرست اتجاه العزوف حيث لم تنجاوز نسبة الصويت 35% من جملة المسجلين، و23% من جملة الذين تجاوزوا سن 18 سنة.
الخاسر الاكبر في المقابل هو النهضة التي لم تحصد سوى 15% من جملة الاعضاء، والتدحرج بالنظر مع انتخابات 2018 كان رهيبا، اذ نزول الرقم وصل الى النصف، حيث مرت من قرابة 29% الى 15%، والدلالة بالفعل لها اعتبارها ومفاعيلها العميقة، وما يروج من تصدر القوائم الزرق الصدراة في الترتيب، لا يمكن ان يخفي الانكسار العميق في النسبة، لان الاهم هو النسبة وليس الترتيب، ولا نظن أن جماعة منبليزير سعدوا لهذه الصدارة المريرة، التي تنذر بانهيار غير مسبوق في الحصيلة الفعلية من خلال عدد الاعضاء.
طبعا هي انتخابات جزئية، وما آلت اليه هو نسبي بكل المقاييس، ولكن الاتجاهات العامة تعطي مؤشرات وقرائن صلبة، ومتظافرة مع معطيات سابقة، خاصة بعد فشل المؤتمر التاسيسي لحزب القصبة في حشد المواطنين، وتراجع حزب النهضة في الاستبيانات، بالتوازي مع خيبة امل التونسيين في الاحزاب وخاصة احزاب الحكم، ويبقى في المحصلة “الجريح” الاكبر في كل ذلك الذي مني بهزيمة نكراء هو “غوبلز” موزاييك، الذي سقط بـ”ضربة موجعة” سيصعب عليه تجاوز آثارها في القريب، مهما كانت درجة حبك حيله المعتادة، التي يبدو انها بدأت في التهاوي تباعا !!

اترك رد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock