تدوينات تونسية

إن كان للنهضة من خطيئة

عبد القادر الونيسي
إفك إعلامي رهيب يستهدف الرأي العام لتحميل النهضة ورئيسها كل الكوارث التي حلت بالبلاد منذ الثورة وهي التي ألزموها بتسليم الحكم بعد أقل من عامين من ترشيحها الشعبي لقيادة البلاد.
خرجت النهضة طواعية من الحكم في سابقة عربية أثارت دهشة المراقبين ولم تعد إليه منذ ذلك الحين إلا في شكل رمزي بعد إنتخابات 2014.
عادت المنظومة القديمة المتحالفة مع الفساد وبعض فلول اليسار لتعبث بالبلاد والعباد.
الرئاسات الثلاث وعموم الوزراء والولاة والمعتمدين ورؤساء المؤسسات جميعهم من الذين رابطوا في إعتصام الرحيل “الروز بالفاكية”.
التفصي من المسؤولية صنيع الجبناء والمخاتلين لكن ما فاتهم أن الشعب “فاق” وما عاد ذلك القطيع الذي كان يذبونه مرة بالدعاية السخيفة ومرات بعصا البوليس.
النهضة ليست فوق المحاسبة والتقييم بل من حق الشعب أن يعرف كل الحقيقة بتفاصيلها.
النهضة تحاسب على فترة حكم الترويكا التي قادتها. تحاسب على نسبة النمو التي تجاوزت الثلاثة بالمائة وكذلك نسبة البطالة التي نزلت بنقطتين تحاسب على إستقرار الأسعار رغم أنها مازالت تتحسس طريقها نحو فهم آليات الحكم والدولة.
لم يمهلوها طويلا حتى تكمل عهدة منحها لها الشعب في أول إستفتاء حر في عالم العرب.
إن كان من خطيئة تحاسب عليها النهضة فهي تساهلها في التعاطي مع المنظومة القديمة التي سرعان ما أعادت ترتيب وضعها لتنقلب عليها وتستفرد بالحكم من جديد وتنتقم من الشعب الذي خرج عليها ذات سبعطاش أربعطاش وتذيقه الويلات.
يلوم البعض النهضة بإشفاق على تحالفها مع المنظومة القديمة ولعب دور شاهد الزور. لهذا الكلام بعض الوجاهة قبل المعطي المصري الذي أجهض ربيع الحرية وأعاد المنطقة إلى ساعة الصفر حينها أحست النهضة بإنكشاف ظهرها وأن الدور آت لا محالة عليها فغرست الرأس في التراب حتى يحدث الله بعد ذلك أمرا.
لم يستقر الوضع في منطقة العرب إلى الآن لا في إتجاه إرادة الشعوب ولا في إتجاه إرادة الحكام.
الشهور القادمة حمالة لنذر شر إذا نظرنا إلى التحالف الدولي الواسع لإجهاض أشواق الحرية لأجيال عانت من القهر والإستبداد وحمالة أيضا لبشائر خير إذا نظرنا إلى حراك الشعوب التي سئمت الظلم وما عادت تخشى السلطان وجنوده.
يبقى الأمل في الله ثم في الشعوب قائما رغم أنف الظلمة والمستبدين.
“إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيدًا . وَنَرَاهُ قَرِيبًا”.

اترك رد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock