تدوينات تونسية

فشاد الشاشة وشاشة الفساد

نور الدين الغيلوفي
قد تتفهّم أن ترى، في بعض أنحاء العالم إعلاما بائسا شبيها بالذي في بلادنا من ذاك الذي يسمّونه إعلام الواقع.. يدّعي أصحابه أنّ عملهم القبيح لا يعدو محاكاة للواقع القبيح.. ولكن كيف تتفهّمه في بلاد يُنظَر إليها مهدا لثورات الربيع العربي؟
فهل شعب ثار على زعيم المجرمين تعجزه حثالة التابعين؟
من يخرج من السجن نتيجة معارضته لنظام الاستبداد والفساد نعيّره بكونه خرّيجَ سجون ونرتاب فيه ونلاحقه بالتهم وننسى أن سجنه كان مقدّمة الثورة التي وهبتنا الحرية .. أمّا من يخرج من السجن بعد جريمة مثل السرقة أو الرشوة أو الاحتيال فنبسط له البُسُطَ ونقدّمه فينا ونجعله لنا زعيما بل إماما نُحلّه من مجالسنا محلَّ الصدارة ويأتيه سياسيونا ومثقّفونا ومطربونا حبوًا وزحفا وهرولة ومشيًا يتكلّمون بعد إذنه ويسكتون عند نهيه ويخضعون لنهره.. وهو لا يفعل غير تصريف عُقَده فيهم.
الإعلام في تونس ورشة لبيع التفاهة لقاء أثمان خياليّة.. وما يقبضه حثالات الإعلاميين لا تفسير له غير أنّ أرباب الإعلام يجنون أموالًا خرافيّة من مصادر لا يعلمها أحد وما صرفُ نزر قليل منها لهؤلاء الأوباش إلّا تعمية وسبيلا من سُبل تبييض الأموال…
الإعلام فساد بالصوت والصورة.. وضرره على البلاد أكثر من نفعه…
لو كان لهؤلاء في الحياة رأي لما قلنا هذا الكلام ولكنّهم حرب على الآراء…
الفساد يستشري والإعلام يزيّنه.. ويحميه..
العقل يتبلّد.. وهؤلاء أسباب بلادته..
القبح يستشري وأولئك الإعلاميون هم أئمّتُه..

اترك رد

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock