تدوينات تونسية

من أواخر الزيتونيين..

محمد ضيف الله
هو أحد أهم أعلام تونس في العهد المعاصر، أعطى كل ما عنده وأكثر مما عنده لتاريخ بلادنا. إنه الأستاذ الدكتور المؤرخ محمد الحبيب الهيلة، تنطبق عليه بالفعل عبارة العالم، تبحّرٌ في العلم وتواضعٌ جمّ وعطاء لا مثيل له.
درس بجامع الزيتونة حتى أحرز على شهادة العالمية في 1956، وناقش أطروحة دكتوراه بجامعة السربون بباريس سنة 1967 ثم أطروحة دكتوراه دولة سنة 1976 تحت إشراف المستشرق شارل بيلا (Pellat)، ولم يكن هذا المسار عاديا بالنسبة إلى أمثاله أو حتى مجايليه.
عرفته المدرجات الجامعية والعلمية بتونس حيث درّس إلى أواسط الثمانينات بالكلية الزيتونية ومنها انتقل إلى جامعة أم القرى، والأهم من ذلك أنه بالتأكيد أهم من رافق واشتغل على المخطوطات العربية، فهرسة وتحقيقا وتعريفا ونشرا.
عرفتًه شخصيا من خلال كتاب “الحلل السندسية” الذي حققه ونشره عام 1970، والذي هو أحد أهم مصادر تاريخ تونس في العهد الحديث، ثم تشرفت بمعرفته مباشرة في مؤسسة التميمي، وسنحت لي الفرصة أن التقيته عديد المرات في زغوان والعاصمة وزرته في بيته بضفاف البحيرة. كنت قد دعوته ليقدم تجربته مع المخطوطات إلى طلبتي بالمعهد العالي للتوثيق في أفريل 2016، وقد ذكر يومها بأنه نشر 30 ألف صفحة بين تأليف وتحقيق. عشرات الكتب من أهمها نوازل البرزلي الذي نشر في 2002 في 7 أجزاء، وكتاب الأجوبة لابن عظوم في 2009 في 11 جزءا. فقدته دور المخطوطات العربية، وفقدته أجيال من مؤلفي المخطوطات على امتداد الحضارة العربية الإسلامية.
رحم الله العالم الأستاذ المؤرخ محمد الحبيب الهيلة الذي رحل عنا يوم 7 مارس 2019.

اترك رد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock