تدوينات تونسية

تحرر الجزائر والأفخاخ الأربعة التي ينبغي تجنبها

أبو يعرب المرزوقي
لست أدرى بالجزائر من أهلها ونخبها ولا ينقصهم الحكمة والاتعاظ بالتاريخ.
لكن المصير الواحد يقتضي أن أدلي بدلوي. ولن أطيل. فقد اعتبرت الجزائر هي التي بدأت الربيع العربي منذ نهاية ثمانينات القرن الماضي واعتبرت تسعيناته قد مثلت الطريقة التي لجأت إليها الأنظمة العربية لإفشال الربيع العربي الثاني الذي بدأ في تونس 2010.
وقد توقعت في مقالي الأخير أن الربيع سيستأنف في الجزائر وها هو قد استؤنف. ومن حقي باسم المصير المشترك ولصلتي الشخصية كتونسي بالجزائر التي صلة الدم والمصاهرة فضلا عن الانتساب إلى الإسلام (إذ إن جدتي جزائرية أبنائي نصفهم جزائري بالأم ونصفهم تونسي بالأب) أن أشير إلى أمرين ينبغي تجنبهما لنجاح الربيع في الجزائر وإذا لم يقع تجنبها فسيكون ذلك بداية لعشرية سوداء ثانية في الجزائر لا قدر الله.
• فأما الأمر الأول فهو عدم إدخال المقابلة بين الأحزاب ذات المرجعية الدينية لتجنب ما ينتظره الأحزاب ذوو المرجعية العلمانية. ومعنى ذلك ينبغي أن تكون الحركة السياسية جزائرية خالصة دون مزيد صفات على النسب الجزائري وتجنب ادخال الدين حتى لا يتحقق ما ينتظره العلمانيون للعودة إلى ما حدث في عشرية القرن الماضي لا قدر الله.
• وأما الأمر الثاني فهو ليس بعيدا عن الأمر الأول وهو المقابلة عرب أمازيغ. وإذا كان الاول إيديولوجي متصلا بالمرجعيات الفكرية فهذا فيه شيء منه مع المرجعيات العرقية. وهو أخطر من الأول رغم أن اعداء الجزائر يعملون على الأمرين معا حتى يفشلوا التحرر بعد أن فشلوا في إفشال التحرير.
• لا بد من ابعاد الدراويش الذين من جنس علي بالحاج فهؤلاء دون أن أشكك في صدقهم تحول حماستهم المرضية دونهم والتعقل والحكمة السياسية الضروريين لتحقيق أهداف حركة الشعب السلمية والتي تتدرج في تغيير وضع شديد التعقيد وقابل للانفجار في أي لحظة فلا يكون قابلا للسيطرة عليه. ومثل هؤلاء كثيرا ما أضروا بحركة التحرر التي بدأت في الجزائر ثم استؤنفت في تونس وحوصرت فأصبح هذا النوع من الدراويش من أدوات إفساد كل فعل تحرري لأن اختراقهم وتوظيف حماستهم يؤدي إلى المهالك ويمثل منطلق وصف كل حركة شعبية للتحرر بالإرهاب.
• ولن أتكلم على فخ آخر مضاعف كذلك لكنه لم يعد مؤثرا بعد سقوط الاتحاد السوفياتي. فالمقابلة التي تعتمد الصراع الطبقي دون أن تختفي لم تعد مؤثرة في تحريك الشعوب خاصة والنظامان الاشتراكي والرأسمالي كلاهما لم يعد على تطرفه السابق بعد أن فهم الثاني ضرورة البعد الاجتماعي للاقتصاد والأول البعد الأساسي لدور الملكية الخاصة ولو في شكل رمزي تمثله الأسهم.
ما أتمناه هو أن يكون “العقل والحكمة السياسية” في الأحزاب ذات المرجعية الدينية لئلا تقع في الفخ فتوقع الجزائر معها فيه. فما ينصبه الاعداء من أفخاخ لحركة شعبها التحررية والسلمية توجد طريقة بسيطة جدا لتفاديها: ينبغي أن تبقى جزائرية دون خوض صراع حول إسلامية الدولة أو علمانيتها علمانية أو حول عروبة شعبها أو أمازيغيته. فالشعب الجزائري متآخ منذ قرون وليكن بطلا في التحرر كما بطلا في التحرير بفضل وحدته التي لا تمييز فيها بين جزائري وجزائري مهما كانت عقيدته أو عرقه أو طبقته.

اترك رد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock