تدوينات تونسية

خاطرة الوردات البلاستيكيّة

بشير العبيدي
#رقصة_اليراع
إلهي… إنّك تعلم أنّني أبغض الوردات البلاستيكيّة، ولا أحتملها. لا أطيق الوردات البلاستيكيّة، لا شمًّا ولا ضمًّا، لا قليلًا ولا جمًّا.
إلهي… عندما أرى الوردات البلاستيكيّة أو تُهدى إليّ أعرفها من بعيد. تفضح تلك الوردات عُشُر كلمة، أو خمس همسة، أو ثلت لمسة.

الكلمات المرصوفة على قارعة الطّريق والمكتوبة بلغة الوردات البلاستيكيّة أراها كأنّها خشبٌ مسنّدة، تنفخ فيها رياح الأيّام؛ فتعبث بها كأعجاز النّخل الخاوية. قلّما تخترقني الكلمات البلاستيكيّة. أنا مصابٌ بحساسيّة الوردات البلاستيكيّة. ولا يدعونّ لي أحد بالشّفاء. لا أرنو لشفاء من هذا المصاب الجليل.
مشكلتي مع الوردات البلاستيكيّة أنّها لا تذبل، ولا تموت. ولأنّها لا تذبل ولا تموت، فهي لا تتجدّد. وما لا يتجدّد لا يتعدّد، ولا يتبدّد، ولا يتقدّد، ولا يتسدّد، ولا يتعقّد، ولا يتعصّد، ولا يتوسّد، ولا يتقصّد، ولا يتردّد، ولا يتحدّد…
هل عرفتم ما المقصود بالوردات البلاستيكيّة؟
إنّها كلّ تلك الكلمات والعبارات الّتي صارت، لطول العلك وتهرئة الدّلك، بمثابة العبوّات الفارغة الّتي كانت تحتوي مضامين في وقت من الأوقات، ثم تمّ تدويرها وإعادة استخدام قشورها لمحاكاة وردات الطبيعة اليانعة. وأنّى يتأتّى ذلك.
فالفرق بين الوردات الحقيقيّة والوردات البلاستيكيّة، أنّ الوردات الحقيقيّة تتجدّد لكنّها تبقى أصيلة دوما. عكس الوردات البلاستيكيّة.
فلنتجدّد، ولكلّ زمان مبانيه ومعانيه.
من كتاب : خواطر الأنفاق وبشائر الآفاق، الجزء الأول.
✍🏽 #بشير_العبيدي | جمادى الثاني 1440 | كَلِمةٌ تَدْفَعُ ألَمًا وكَلِمةٌ تَصْنَعُ أمَلًا |

اترك رد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock