مقالات

هجمة على رموز الإسلام.. معركة مؤخرة جيش من الأميين والعملاء

أبو يعرب المرزوقي
لا يخاف على الإسلام من الأقزام الذين يتصدون له إلا من كان ساذجا أو موظفا لقضية فاقدة لمعناها. فمن يعتقد أن إيران أو إسرائيل فضلا عن أذيالهما من العملاء العرب يمكن أن يحركوا رمشة عين من الإسلام فهو واهم. فهؤلاء ومعهم كاريكاتور النخب التي تتفاقه فيه نسمات تافهة لا تحرك إلا أفنانه حركة لا تأبه بطنين الذباب من حولها.
فأولا كل أعدائه منذ قرون مشدوهون من عنفوانه الذي كذب توقعات هيجل في فلسفة التاريخ التي كان بعضها يتحدث عن خروج الإسلام من تاريخ العالم الحديث ونكص إلى الأجزاء المتخلفة من العالم لتوهمه أنه خرج من أوروبا الممثل الوحيد للعالم الحديث حسب فلسفة التناظر بين حركة الشمس وحركة الحضارة.
فاته أن الإسلام حضارته لا شرقية ولا غربية بل هي جامعة بين المشارق والمغارب وهي الآن في الغرب تحقق المعجزات والقادم ألف مرة أفضل مما فات. أما أن يحاربه السيسي ومافيته والسبسي ومافيته وقرود الثورة المضادة الخليجية ومافياتها فذلك حسب رأيي علامة على فراغ جعبة أعدائه.
فإذا أصبح أغبى مخلوقات الله يتفلسفون في الدين وأتفه الصحفيين يتكلمون في الخطاب الديني فأعلم أن ذلك لن يظهر إلا غباءهم ومن ثم فهو سيجعلهم أكثر الظاهرات ترويجا للبحث عن قيم الإسلام وحقيقته. ومن هذا الباب تمنيت نجاح ترومب وفرحت بنجاحه. فما كان يمكن أن يحارب الإسلام جعل الجميع بفضل غباء ترومب حربا على قادة الإسلاموفوبيا الذين يمثلون الحمق عينه بدلالة تخريف ترومب وبطانته.
وعندما ترى أبشع خلق الله تتكلم على جمال تونس الذي قد يفسده تدريس القرآن تعلم ما للقرآن من دور يجعل القبح لا يمكن أن يتعايش معه فاختار أبشع خلق الله للكلام فيه. ولست أتكلم على القبح الخِلقي بل على الخُلقي منه لأن الخلقي يحول دون أن تصبح هذه “المناظر” فلاسفة في جمال تونس وشروطه المنافية لأسس حضارتها وروحها.
فما رأيت بين من يدعون الانتساب للثقافة والفكر بين النخب العربية من يتكلم في الدين من حيث هو ظاهرة كونية حتى وإن تعددت أشكالها ما يعني أن كلامهم لا ينتسب إلى فلسفة الدين بل هو “اسلاموفوبيا” تدعي الأكاديمية من دون شروطها: فجميعهم في خدمة الاستبداد والفساد الداخلي والحرب الخارجية. ولذلك فلن ترى لهم حضورا إلا في أحد محلين:
1. إما في إعلام الانظمة الفاسدة والمستبدة تستعملهم كسلاح “حاف” لم يعد يستفز أحدا لأنه لا أحد يستمع إلى ثرثرات نجومهم مثل يوسف “الكذّيب” وأشباهه موجودون في كل بلاد العرب.
2. أو في المحافل التي من جنس الندوات الاسلاموفوبية أو من جنس اشتراء رضى الحماة ببناء الكنائس كما يحدث في الخليج حاليا مع حضور اشباه علماء الدين في مجلس الدجالين التابعين لبلاط السفهاء.
وفضلا عن كون الكنائس مهجورة حتى في عقر دارها فلا يوجد غير الحمقى يمكن أن يعتقدوا أن ذلك قد يضير الإسلام أو يقدم لبناتها أدنى منفعة في الرأي العام الذي يولي لهم أهمية فضلا عن “تسامحهم” المزعوم.
فلا يمكن لأمي أن يفهم معنى التسامح فضلا عن معنى الدلالة عليه بمثل هذا السخف. فمن يقوم بمثل هذه الحركات لا يعبر عن عمل سياسي أو ثقافي ذي دلالة بل عن فراغ روحي لعدم صلته بمعنى الأصالة ولعله لا ينتسب إلى أي قوم أو ملة في شعب اغرقه أصحاب هذه الحركات في محيط من الشعوب التي لا تنتسب إلى حضارته فأصبح مهددا في هويته العضوية والبايولوجية قبل الروحية والحضارية.
ذلك أن شعبا يغرقه حكامه في محيط من الوافدين من حضارات وقوميات أخرى ينتهي في الغاية إلى فقدان كيانه وهويته ويصبح أول ضحايا هذه الحركات التي هي في الحقيقة استنبات مآله جعل الوافدين أهل البلد وأهله أجانب فيه لغة وحضارة وعرقا ودينا وفي الغاية سلطانا اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا.
ومثل هذا المآل مستحيل في بلاد المغرب العربي الامازيغي ومستحيل في الهلال العربي الكردي والتركماني وفي مصر (حتى المسيحي من أهلها إذا ما استثنينا العملاء منهم وليسوا بدعا فمن مسلميها من هم أكثر منهم عمالة).
ومن ثم فما يجري في الإمارات زوبعة في فنجان لا تفيد إلى حمق فاعليه إذ لا وزن للإمارات في تاريخ الأمة ماضيه ومستقبله. وخطره ربما على شعوب الخليج بسبب قلتها بالقياس إلى البحر المتلاطم من المرتزقة الذين كما يصف ذلك ابن خلدون ينتهون بأن يحجروا على الحكام الذين حكموا بهم شعوبهم فأذلوها وأفقدوها شروط بقائها.
ولن يتأخر ذلك ففضلا عن توازن القوى حول الخليج ودور الهند المتوقع فيه قريبا القانون الدولي نفسه سيفرض حصول الوافدين منه خاصة على حق المواطنة وبالديموقراطية سيصبح الحكم بيدهم. كانوا يخافون من ديموقراطية الإسلام السياسي السني ستأتيهم ديموقراطية الهندوسية والشيعية وهلم جرا…
أما ما يقوم به حكام العراق وسوريا ولبنان ومصر الطائفيين فهو نهاية هذه الطوائف في المستقبل المنظور. ولعل ما حصل لمسيحيي الشرق من نكبات بعد تدخل الغرب في تعايشهم مع المسلمين أفضل مثال يبين ما ينتظر بابوات مصر ولبنان من مصير لهم في العراق صورة منه بعد التدخل الأمريكي وويلاته.
فالعراق الذي كان متحف كل الاديان القديمة قبل هذا الغزو وسيطرة الطائفية الشيعية عليه لم يبق فيه إلا القليل القليل من المسيحيين الذي كان الإسلام قد حماهم وحتى عقائدهم ومعابدهم بأمر من القرآن في آيات الدفاع عن المعابد كلها واعتبار التعدد الديني شرط حرية المعتقد والتنافس الخيرات.
لما الأمية بن غبريط -وزيرة تربية عديمة التربية- تنهى عن الصلاة -ولا تعلم أن ذلك أمر بالفحشاء كحال من ينهون عندنا عن تعليم القرآن ويغضون الطرف عن المخدرات- في نظام التعليم بحجة اختصاصه في العلوم وليس في العبادات فاعلم أن الجزائر لم تعد ملكا لأهلها الذين حرروها من فرنسا بل صارت بيد بقايا المندسين من الحركيين ومثلها تونس والمغرب وهذا جيد لأنهم بذلك يعلنون عن هويتهم.
وأختم بملاحظة سريعة:
ما فشل فيه أتاتورك وشاه إيران وبورقيبة وكل الانظمة الفاشية العربية في القرن الماضي لن ينجح فيه أذيال الحركيين في المغرب وحمقى الثورة المضادة في المشرق. فـحتى ما يتصورونه مساعدا لهم أعني رغبة القوى الغربية في الحد من عنفوان الإسلام والاستئناف فهو عبء عليهم لأنهم بذلك يجلونهم ويظهرون على حقيقتهم: مجرد طوابير خامسة مآلها مزابل التاريخ.

اترك رد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock