مقالات

أزمة التعليم الثانوي.. إقتراحات عمليّة

عبد اللّطيف درباله
• هل من عقلاء في هذا البلد اليوم؟؟!!
• إقتراحات عمليّة بضرورة إعتماد حلول وقتيّة عاجلة قد تنقذ خاصّة تلاميذ الباكالوريا..
• أزمة إمتحانات التعليم الثانوي قد تسبّب ضررا بالتلاميذ لا يمكن تداركه لاحقا حتّى وإن أبرمت تسوية بين النقّابة والوزارة..
•••
أزمة التعليم الثانوي.. وإضراب أساتذة التعليم الثانوي عن إجراء الإمتحانات.. طالت أكثر من اللاّزم..
ولن ندخل في هذا المقال في تحليل من أخطأ ومن أصاب..
بين نقابة التعليم الثانوي ووزارة التعليم..
وبين لسعد اليعقوبي وحاتم بن سالم..
وبين الحكومة برئاسة يوسف الشاهد والإتّحاد العام التونسي للشغل بقيادة نور الدين الطبّوبي..
فمهما كان المخطئ منهم.. فالتلاميذ وأوليائهم هم من يدفعون الثمن باهظا اليوم..!!
فلنفترض أنّ إتّفاقا حصل في الأخير بين الوزارة والنقّابة.. اليوم أو بعد أسابيع أو بعد أشهر.. أو قبل نهاية السنة الدراسيّة.. واستأنف الأساتذة إجراء الإمتحانات للتلاميذ.. هل سيحلّ ذلك المشكل ويصلح الضرر الحاصل للتلاميذ؟؟
الجواب للأسف هو: لا.. !!!
فالمنظومة التعليميّة في تونس تقوم على إجراء إمتحانات دوريّة.. في شكل فروض عاديّة وفروض تأليفيّة..
وتلك الإمتحانات تحديدا تمكّن من معرفة مستوى التلاميذ.. وهي التي تحدّد نجاحهم من عدمه.. وهي التي تقرّر القدرة على الإنتقال إلى المستوى التعليمي الموالي..
الإمتناع عن إجراء الإمتحانات يضرّ في الواقع بالتلاميذ حتّى وإن وقع تدارك هذه السنة الدراسيّة.. وأنقذتهم تسوية بين النقّابة والوزارة من سنة بيضاء..
ذلك أنّ غياب الإمتحانات التأليفيّة في الثلاثيّة الأولى.. وغياب الإمتحانات اللاّحقة.. حرم التلاميذ من حقّ معرفة مستواهم الدراسي في الثلاثيّة الأولى.. وفي ما يليها.. وبالتالي حرمهم من فرصة معاينة مستواهم الدراسي في الإبّان.. والعمل بحسب النتائج المسجلّة في تلك الإمتحانات الأوليّة على تدارك الخلل والنقص والضعف في بقيّة السنة الدراسيّة..!!
لعلّ أكبر متضرّر اليوم من هذه الأزمة في قطاع التعليم هم تلاميذ الباكالوريا..
فحتّى لو أجريت إمتحانات الباكالويا في موعدها في نهاية السنة الدراسيّة.. فإنّ تلاميذ الباكالوريا حرموا عمليّا من إمكانيّة معرفة مستواهم العلمي والدراسي الحقيقي منذ بداية السنة الدراسيّة..
وقد يكون ذلك حرم نسبة هامّة منهم من معرفة أخطائهم من خلال إجراء الإمتحانات وإصلاح الفروض ومعرفة نقاط ضعفهم ونقائصهم.. وبذل الجهد بالتالي على تداركها إستعدادا للمناظرة.. والتركيز تحديدا على مراجعة مواطن الخلل بعد إكتشافها..
ففي النهاية.. إنّ الإمتحانات طوال السنة بالنسبة لتلاميذ الباكالوريا.. والتي تنتهي عادة بما يعرف بـ”الباكالوريا البيضاء”.. هي تدريب متكرّر ومستمّر وتصاعدي.. يدخل ضمن تحضيرهم كأحسن ما يكون لإمتحانات المناظرة الوطنيّة الرسميّة..
وإنّ حرمان تلاميذ الباكالوريا من ذلك التدريب هو إنقاص فادح لحظوظهم في النجاح..
نقّابة التعليم الثانوي.. وأيّا كانت مطالبها وما تشتكيه.. هي مدعوّة لأخذ ذلك بعين الإعتبار.. وإعلاء مصلحة التلاميذ فوق كلّ مصلحة.. وفوق الخلافات مع الوزارة..
والكثير من الأستاذة هم في نفس الوقت أولياء لتلاميذ يدرسون بالمعاهد العموميّة.. ونسبة كبيرة منهم سيجتازون بدورهم إمتحانات الباكالوريا.. علاوة على أنّ جميع التلاميذ هم أبنائهم معنويّا وأخلاقيّا..
ومرّة أخرى.. ودون أن ندخل في السجال في ما يخصّ المصيب أو المذنب في أزمة التعليم الثانوي.. فإنّ على نقّابة التعليم.. وعلى الأساتذة.. أن يقدّموا “تنازلات” لمصلحة التلاميذ.. وخاصّة تلاميذ الباكالوريا بالذّات.. حتّى لا يؤدّي إضرابهم المتواصل إلى ضرر لا يمكن تداركه لاحقا بالنسبة إليهم.. حتّى وإن حصلوا في النهاية على ما يطالبون به.. ورفعوا الإضراب..!
من الحلول الممكنة.. إعادة إعتماد صيغة الإضراب التي سبق تنفيذها في سنوات ماضية.. وهي إجراء الأستاذة للإمتحانات رغم الإضراب.. والقيام بإصلاحها.. وإرجاع الأعداد للتلاميذ.. لكن مع حجبها عن الإدارة..
بحيث يمكن للتلميذ والحالة تلك أن يتدرّب على الإمتحانات.. وأن يعرف مستواه الدراسي الحقيقي في الإبّان.. وأن يتدارك نفسه بناء على ذلك.. في إنتظار حلّ الأزمة نهائيّا..
أمّا الحلّ الثاني.. فهو أن تقبل نقّابة الثانوي وتوجّه الأساتذة إلى أن يقوموا ولو بامتحانات بيضاء غير رسميّة موجّهة فقط للتلاميذ.. ولا يقع إعتمادها في إحتساب المعدّلات رسميّا..
أي إمتحانات تجرى فقط للتلاميذ للتدريب ولمعرفة مستواهم الحقيقي.. فيقع إصلاحها.. ويمنحهم الأستاذة أعدادا.. تكون فائدتها على الأقلّ أنّها تنبّه التلاميذ لمستواهم.. ولنقاط ضعفهم.. وتوجّههم نحو التركيز على ما ينقصهم.. دون أن تشكّل إمتحانات رسميّة يقع إعتمادها إداريّا في كشف أعداد التلاميذ..!!
فإن لم تعتمد نقّابة التعليم الثانوي هذا الحلّ لجميع التلاميذ في كلّ المستويات.. فليس أقلّ من أن تعتمده ولو إستثنائيّا لتلاميذ الباكالوريا فقط..!!
وعلى سلطة الإشراف ممثّلة في الوزارة أن توافق على مثل هذا الحلّ.. بعيدا عن العنتريّات واللّوائح المفترضة والتمسّك بنظام العمل ومحاولة إعتماد القبضة الحديديّة..
اليوم.. وبسرعة.. يجب على جميع العقلاء والوطنيّين.. من بين السياسيّن والنقابيّين وفي المجتمع المدني.. أن يعملوا جاهدين وبكلّ قوّتهم.. وبكلّ ما يتوفّر لهم من سبل.. من أجل إنهاء أزمة التعليم الثانوي برمّتها نهائيّا..
فإن تعذّر ذلك حالاّ.. فعلى الأقلّ إعتماد أحد الحلول السابقة النسبيّة.. حتّى إذا ما وقع حلّ الأزمة بعد أيّام أو أسابيع أو أشهر.. لا تكون الفرصة قد ضاعت وانتهت.. ولا يكون الضّرر اللاّحق بالتلاميذ قاطعا وغير ممكن التدارك..
وخاصّة بالنسبة لتلاميذ الباكالوريا..
هل من عقلاء في هذا البلد اليوم؟؟!!

اترك رد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock