تدوينات تونسية

انتقم الصّعاليك للحرّيّة وانتقم الرّفاق منها

صالح التيزاوي
هل نضحك من عروض مسرحيّة هزليّة وهزيلة للرّفاق ؟ أم نبكي مأساة ثورة يبدع الرّفاق في وأدها ولا يريدون لها أن تبلغ مداها ومنتهاها؟
في خشونة صادمة للوجدان وعدوان على الفكر والذّوق، أقدم نائب عن الجبهة الشّيعيّة من شيعة ستالين وآله وصحبه على سبّ الجلالة داخل مجلس نوّاب الشّعب على مرأى ومسمع من الشّعب التّونسي… فيما تلفّظ آخر بعبارات تكشف عن فائض من قلّة الأدب والحياء… لولا واقعيّة المشهد المشحون إرهابا فكريّا وعنفا لخلنا أنفسنا أمام عرض مسرحي.
قديما، وقبل عصور التّمدّن لجأ صعاليك العرب من شعراء الجاهليّة إلى الجبال انتقاما للحرّيّة وللعدالة الإجتماعيّة، واليوم يلجأ الرّفاق لأرقى ما وصلت إليه البشريّة من مؤسّسات لاغتيال الحرّيّة واغتيال حلم أهدته تونس للعرب وللإنسانيّة. فإن كانوا مؤمنين بالحرّيّة حقّا فلماذا يستكثرونها على الشّعب السّوري وعلى الشّعب المصري؟ ولماذا استنجدوا بالمنظومة النّوفمبريّة وهي معروفة بعدائها للحرّيّة؟ وإن كانوا مؤمنين بالتّطوّر وبالحداثة، فما بالهم لا يغادرون أفكارا محنّطة تنبعث منها روائح الكراهية وتنبذ قيم العيش المشترك؟ ولماذا يرفضون مغادرة دورة مياه كتب على بابها “الدّين أفيون الشّعب”.
دائما في مناخ الحرّيّة، يوجد مكان لكلّ مناضل يناضل لتحقيق أهدافه بعقله وليس بغرائزه ولا بأدوات تعبير عارية من القيم وحافية من الإنتماء على طريقة “المانفستو” الذي يبيح لمعتنقي الشّيوعيّة إسقاط النّظام المجتمعي القائم وإسقاط الدّولة بالعنف.
أمام ما حدث اليوم، لن يكون حمّة في حاجة إلى تذكيرنا بالأخلاق وبقصّة إيمانه، ولن يكون في حاجة إلى شهادة مريم… لقد رأينا بأعيننا وسمعنا بآذننا ما يغني عن كلّ شهادة… سقوط أخلاقيّ مدوّ، ينبئ أنّ الجبهة قد استأجرت سفن العودة إلى مربّع الإستبداد، وقبل أن تبحر خلسة إلى الظّلام ستحرق المستقبل كلّه… والحلم كلّه… والأمل كلّه…

اترك رد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock