تدوينات تونسية

أشارع يتّسع لنا ويضيق علينا وطن ؟

صالح التيزاوي
تردّدت قبل النّزول إلى شارع الثّورة… لماذا يجب علىّ أن “أهبط”؟ وماذا حقّقت لنا الثّورة حتّى نحتفل بذكراها؟
البيض مفقود، والحليب مفقود، والسّكّر كذلك، وإلغلاء أصبح فاحشا… هكذا يروّج صبّابة النّظام النّوفمبريّ.
زادتني برودة الطّقس خمولا وكسلا. حشرت جسدي تحت أكوام من الأغطية، طلبا للدّفء. ودون أن أشعر امتدّت يدي لتصفّح “الفيس بوك”. وقعت عيني على منشور لصديق من الجنوب التّونسي يقول فيه: “الأحرار في طريقهم إلى شارع الثّورة”…
على امتداد شارع الثّورة وقد غصّ بأوفيائه، شعارات على كلّ لون وشكل وعلم تونس قد ملأ سماء الشارع، الكلّ يحتفل على طريقته وقوّات الأمن تؤدّي واجبها على أحسن ما يكون.
انتابني إحساس أنّها لم تعد مصدرا للرّعب كما كانت…
لفتت انتباهي عجوز ستّينيّة أو سبعينيّة تحمل شعارا بلون الدّم “تجّار الدّين تونس بدونكم أجمل”… توجّهت إلى احتفاليّة “تجّار الدّين”، فوجدت حشودا من كلّ الأعمار تحت قبّة من البالونات البيضاء والزّرقاء، يهتفون بصوت واحد للحرّيّة وللثّورة ولفلسطين ولتونس للجميع…
أنساني منظر شارع الثّورة وأهازيج المحتفلين برد اللّيالي البيض، ولكنّني تذكّرت وأنا على بعد أمتار من وزارة الدّاخليّة الأعوام السّود تحت حكم نظام دكتاتوريّ شديد البطش.
لم أكن أدري أنّ للحرّيّة دفئا يعادل دفء أشعّة شمس الرّبيع. ولم أدر ما طيب الحرّيّة حتّى ترفّق شارع الثّورة وطواني بين جموع المحتفلين… غير أنّ سؤالا بقي يتردّد في ذهني تاركا وجعا في القلب: كيف يتّسع لنا شارع ويضيق علينا وطن ؟

اترك رد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock