تدوينات تونسية

أعجب العجب في تأهيل نظام الأسد

صالح التيزاوي
لمّا أحسّ “كليب”، أنّ “جسّاس بن مرّة” قتله غدرا، كتب وصيّته بدمه لأخيه “الزّير السّالم” على الصّخرة التي لفظ تحتها أنفاسه، يدعوه فيها إلى عدم المصالحة. لم يفعل ذلك حبّا في الثّار ولا في الإنتقام ولكن لشعوره أنّ انتزاع حياة البشر غدرا أمر تأباه مروءة العرب… طعنة رمح غادر ألهمت “كليب” وصيّته لأخيه: “لاتصالح”.
وفي عصرنا، عصر المواثيق الدّوليّة التي تعلي من شأن حقوق الإنسان والقيم الكونيّة وتجعل لها العلويّة على القوانين القطريّة، يغدر نظام البراميل المتفجّرة بشعبه الذي عبّر سلميّا عن تطلّعه إلى الحرّيّة، فكان الرّدّ عنفا همجيّا إباديّا. ماذا كان ينتظر الزّعيم الطّائفي الذي اغتصب الحكم بمقتضى التّوريث من أبيه الذي اغتصب هو الآخر الحكم بمنطق الدّبّابة. سمّى الأب “حافظ” انقلابه على رفاقه “حركة تصحيحيّة” وسمّى الإبن “بشّار” نفسه “ممانعا”. ماذا كان ينتظر من الشّعب ؟ هل ينتظر منه أن يهتف مثلا “الأسد إلى الأبد” ؟ بعد ان تبيّن له أنّ النّظام (نظام الأب والإبن) لا يريد إصلاحا، ولا نيّة له في تحرير شبر واحد من الأراضي المغتصبة، وأنّه يدير الدّولة فقط لمصلحة الأقلّيّة العلويّة.
أعجب العجب، أن تقابل جرائمه بمساعي إعادة تأهيله.
ليس مستغربا من مشيخة أصبحت دولة بفعل النّفط أن تفتتح سفارتها في سوريا وأنّ تمدّ يدها الملطّخة بدماء أطفال اليمن، لنظام يده ملطّخة بدماء شعبه. المأساة السّوريّة لا تستدعي التّأهيل والمصالحة، وإنّما تستدعي تحقيق العدل التّامّ لمليون قتيل، أغلبهم من الأطفال والنّساء، ولثمانية مليون مشرّد ومهجّر…
كنّا نقول بأنّ أحلام العرب في الوحدة والتّحرّر قد انكسرت بهزيمة مصر تحت قيادة عبد النّاصر، أمّا اليوم فإنّ تلك الأحلام وأدها وإلى الأبد ممانع الطّائفة العلويّة تحت المقابر والخراب. أتراهم لتلك الأسباب يعملون على إعادة تأهيله بدل جرّه إلى محاكم جرائم الحرب بما قتل وبما يتّم وبما شرّد؟
وأعجب العجب، من غدر النّظام الأقلّوي بثورة الشّعب السّوري ومن إرهاصات إعادة تأهيله، من يعتبر ّ بن علي مستبدّا ويدافع عن بشّار، وأن يكون مع الثورة في تونس، ويعتبر ثورة الشّعب السّوري “مؤامرة”!!!

اترك رد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock