تدوينات تونسية

انتصار على التراب

نور الدين الغيلوفي

النظام السوري المجرم يفاخر باستئناف السيطرة على التراب ويخرج قادة جيشه لإعلان الانتصارات فيهلّل لهم أسلاف العبيد في بعض نواحي العرب.. ويستقبلون طائرة لهم بإيقاعات “المزود” والرقص على أنغام الانتصار…
بشّار زار بيتنا.. وحلّ بيننا.. وقد حلّ فينا..
ما أشدّ أشواق الأغنام إلى حظائر لا مراعيَ حولها ولا حياة في أنحائها..
تكفي الحظيرة ما عاش الراعي. عاش الراعي.. ولتخربِ المراعي.. وليحلَّ الدمار.. فالحياة الراعي.. عاش الراعي. ولتُسحَق الأغنام..
وماذا نفعل بالمراعي والرعايا ما ظلّ الرعاة في صولاتهم وجولاهم؟ يكفيك من الأسد اسمه لتجد بين جنبيك الأمان..

الجيش العربيّ السوري يحرّر الأرض السورية من الإنسان السوري بمساعدة الجيش الفارسي الإيراني تحت إشراف الجيش الروسي.. وكلّ هؤلاء جاؤوا لمحاربة الإرهاب والرجعية المتسلّلة إلى الأراضي السورية.. ولصيانة العرين العربي المتبقّي من مضادّات الممانعة.. والممانعة نيّة كامنة.. والمقاومة موقف.. تكفينا مواقف الواقفين..
عاشت الممانعة والممانعون ولتذهب الشعوب إلى الجحيم.. وماذا نفعل بشعب لا يطيع حاكما ممانعا تجشّم مشقّة وراثة العرش عن أبيه ليحمل راية الممانعة من بعده؟ وماذا يعني الإنسان إن لم يستجب للمقاس المطلوب؟
الجيش العربي السوري ينتصر.. ينشر الخراب ويرفع العلَم..

بأيّ ثمن يستعيد بشّار بن أبيه المجرم بعض القرى السورية؟ انتصر على من؟

هل يُعقَل أن يعترف لبشّار الأسد بالإنسانية شركاءُ لنا في التراب والأحلام؟

تخيّلوا لو أنّ حاكم بلادنا كان عسكريًّا اسمه حافظ الأسد.. حكمنا طول حياته ثمّ لمّا استأذن عليه الموت قطع صفحة من دستور البلاد ووضع مكانها صورة ابن له واسمه.. وكان اسمه بالمصادفة بشّارًا.. ثمّ لمّا قامت الثورة في ديسمبر 2010 رمى المدن بالبراميل المتفجّرة وجاءت كتائب حزب الله وتداعت على بلادنا أرتال الجيش الإيراني وواكبتها عصائب الجيش الروسي.. وتحوّلت مدننا إلى مدافن لسكّانها.. وفرّ الناجون عبر المنافذ الضيّقة إلى مسارب اللجوء.. وتشرّدت العائلات.. ووقفت الصبايا على الطرقات أو عند أبواب المساجد وفي مداخل الأسواق يسألن العابرين ثمن رغيف أو ما يساعد ما بقي من الأهل على كراء الديار.. ديار الغربة المتوحّشة..
ليتخيّل كلّ شخص من عشّاق بشّار بن أبيه الممانع ينام إلى جوار زوجته.. يسمع ضحكات أبنائه.. تصافحه بسماتهم مع شمس الصباح.. يخرج من بيته.. يحيّيه جاره.. يمضي إلى عمله.. يعود منه متأبّطا رغيف خبز وكيسًا لا يدري أحد ما فيه من متاع.. سرٌّ يسرّ به الزوجة والأبناء.. ليتخيّل أنّه مواطن سوري يملك مشاعر لا توافق نظام الحكم وقد قامت في بعض مدن البلاد ثورة.. انتفاضة.. هوجة.. ليسمّها ما شاء.. ليتخيّل أنّ بشّارا هو حاكمه.. وليتذكّر أنّه إنسان.. وله أهل.. وأُسرَة.. وأقارب.. وأصدقاء.. وأحلام.. ومشاريع حياة..
ليتخيّل أنّ برميلا سقط على البيت.. خرج منه وحده بأعجوبة.. رُدمت الزوجة والأبناء.. سمع صراخ بعضهم حتى انطفأ الصراخ ولم يقو على إنقاذه.. خرج إلى الطريق.. لا جار يحيّيه.. ولا عمل يقصده.. ولا رغيف.. ولا من يأكل الرغيف.. ولا ثمنه..
كم تكفيه من شعارات الممانعة والمقاومة ومن الاحتفاظ بحقّ الردّ ليسدّ بها ثقوبا زُرعت من حوله في المباني والطرقات وعلى الأجساد.. وفيه.. في ذاكرته…وفي نفسه العميقة المحطَّمة؟
استحوا..
احثوا التراب المحرَّر على وجوهكم.. يكفيكم التراب أُنْسًا..
أيّتها الوحوش..
#لاوطنخارج_الإنسان

اترك رد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock