تدوينات تونسية

كيف وصلنا إلى هذا الحال ؟

عبد القادر الونيسي

أضاعت الترويكا السنة الأولى من الحكم وقد دخل الفساد جحره لتسدد له ضربة لن يقوم بعدها واشتغلت في تفاصيل إدارة الشأن العام.

كان متاحا للترويكا أن تصفي تركة الأنظمة السابقة وهي القادمة إلى السلطة بشرعية ثورية وشعبية.
الحسابات السياسية الخاطئة والغشامة وعدم إغتنام الزخم الثوري مكن الفساد أن يستقوى على النهضة رأس الترويكا داخليا وإقليميا ويذيقها الولايات..
اختطلت الأمور بعد ذلك ووصلت البلاد بعد الإغتيالات وتصعيد الإتحاد وما حدث في مصر خاصة إلى وضع ينذر بإنقلاب وشيك أو عودة المنظومة القديمة في نسخة معدلة.
اختارت النهضة وهي تتجرع كأس الحنظل أهون الشرين. تربع أهون الشرين على البلاد جامعا كل السلط بين يديه في مشهد يذكر بأحلك فترات الإستبداد واكتفت النهضة بدور المزكي لمن انقلب عليها.
الحزب الحاكم الجديد وهو خليط عجيب من اليسار والتجمع والفاسدين سرعان ما تصارعت تماسيحه على المناصب والمكاسب وأصبح الشعب يتابع فضائحهم على المباشر.
إصرار الباجي على فرض ولده حافظ على رأس الحزب عجل بتفتيت النداء وبدأت الفصول الاولى للمأساة.
احتد الصراع بين أطراف الحكم عندما أصبح حافظ يتحرك كالحاكم بأمره في البلاد مما يذكر بأحلك أيام الطرابلسية.
نشب بعدها نزاع محتوم بين الولد المدلل والولد المتبنى (الشاهد). انتصر الباجي للمدلل ومن حينها أصبحت البلاد تعيش على وقع خصومات ومكائد تدور ليلا لتدفع تونس الثمن نهارا.
نحن أمام مشهد عجيب رئيس الدولة المستأمن على سلامة الوطن هو وحزبه السببان الرئيسان في التوتر الذي يعصف بالبلاد.
دخول اليسار اليائس من صندوق الإقتراع على الخط زاد في توتير الأجواء لكن يبقى تأثيرهم في الأحداث محدودا لضعف إنتشارهم الشعبي.
لن تصل البلاد إلى المحظور فالنخبة التونسية رغم هناتها وزلاتها يعترف لها العالم بميلها الفطري للتوافق رغبا أو رهبا فضلا عن الحفظ الرباني المتواتر لبلد الزيتونة الذي حدث به السابقون.
المؤكد عندي أن تونس ستنتصر بمشيئة الله ولو كره الحاقدون.

{وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ}

اترك رد

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock