تدوينات تونسية

إرحموا الشهداء من حبّكم الزّعاف

الأمين البوعزيزي

في هذه الأيام من ديسمبر؛ تعود بي الذاكرة إلى حدثين لن أنساهما:

عام 2008 كنت في مهمة عمل ببلدية سبالة أولاد عسكر ساعة استنجدتُ بمصالحها دفاعا عن معلم أثري في مواجهة عدوان ومغالطة لأحد المستثمرين الخواص… بكى الرجل من صرامة تطبيق القانون حفظا للصالح العام…
الرجل أمني متقاعد… أصر على أن نشرب قهوة… قال: أنت همامي راسك كاسح… في سبعينات القرن الماضي كنت أحد أعوان فرقة مداهمة المنزل الذي يقطنه طالب من ربوعكم على ما أذكر لقبه رداوي… نسيت إسمه طال بي العهد… المنزل كان يقع بين منوبة والدندان… ساعة الإمساك به عمد عرفنا الملقب بالوحش إلى نشب أظافره في وجهه ليفتح فاه عنوة وتبول فيه ولم يكفه ذلك عمد إلى غرغرته كي يبلع البول كسرا لإرادته… العجيب أنه لم يرضخ ولا طلب العفو… كان يكتفي بالصمت دون أدنى التفات الينا…”.
شعرت بالرغبة في القيء واعتذرت عن مواصلة الجلسة؛ بعد أن أجبته: من كنت تتحدث عنه هو المناضل الشيوعي أحمد بن عثمان الرداوي الذي توفي بالمغرب منذ سنوات قليلة بالمغرب في حادث غامض…

عام 2010 ساعة سطرت بلدة بوزيان ملحمة توسيع أطلس الإنتفاض المواطني الإجتماعي الديسمبري وتجذير شعاراته وتعميده بدماء الشهداء… نظم الديسمبريون بسيدي بوزيد المنتفضة قافلة فك الحصار عن بوزيان… قافلة تحت قيادة الشهيد محمد البراهمي الذي عمل على تأسيس لجنة وطنية لإسناد سبعطاش ديسمبر ساعة كان وحيدا ولم تنتقل شرارة الإنتفاض خارج الولاية عدا مسيرات الإسناد التي ينفذها أحرار النضال النقابي الجذري في بعض الولايات..
خرجت قافلة مهيبة من قلب الحصار لكسر الحصار.. كان قائدا مهيبا أقسم بالله العظيم رأيت الشهادة في عينيه وهو يخطب في بوزيان وقرية الاعتزاز وبلدة المكناسي وصولا إلى بلدة المزونة… لم أنس جملة معبرة: كيما ركّعتو فرانصا اليوم نركعو الاستبداد… ساعة العودة مساء انقسمت القافلة بين متجه إلى بلدة الرقاب وعائد إلى سيدي بوزيد… ساعة الوصول قرب عمارات.cnrps أمسكته من إحدى يديه (وهو بمثابة أبي الروحي منذ منتصف ثمانينات القرن الماضي) قائلا له: حمة (هكذا يخاطبه كل محبيه) المعركة مغامرة مازالت في بداياتها واجب تقسيط الجهد حتى تصبح حالة وطنية؛ في كلفتك أبناء صغار السن يا حمة لا تنس هذا”. فابتسم برقة يعرفها من يعرفونه عن قرب وقال: نحن من سيحولها إلى حالة وطنية هذه معركتنا التي انتظرناها منذ عقود يا الأمين…”. ألم أقل لكم أعلاه؛ لقد رأيت التصميم على الشهادة في عينيه!!!
من تفاصيل تلك الرحلة؛ ركب معنا في سيارة الحاج وجه غير معروف على الأقل بالنسبة لي… أحس بأسئلة العيون… فتكلم قائلا: أنا فلان الفلاني معلم بإحدى أرياف بئر الحفي؛ بعثت زوجتي وأطفالي إلى ولاية المنستير وبقيت معكم؛ من العار أن أفر من هكذا معركة تجري حيث أشتغل… إنه المربي الفاضل والمناضل الإسلامي #منير_تريمش ولد #خنيس بالساحل التونسي.

• رحم الله المناضلين الكبيرين #أحمدبنعثمانالرداوي الشيوعي؛ والحاج الشهيد #محمدالبراهمي الوحدوي العربي…

• تحية إلى بلدة #بوزيان وهي تحيي هذه الأيام ذكرى ملحمة ديسمبر في بوزيان…

• أخيرا وليس آخرا؛ لا ننسى أن نقول لبعض مقاولي زمن رخاء الثرثرة: #ارحمواالشهداءمنحبّكمالزّعاف

اترك رد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock