تدوينات تونسية

صوت المنسج …

علي المسعودي

القمر، حتى في لحظة اكتماله، له جانب مظلم.. لا يصله بصيص نور أو ضياء.. 
ثورتنا أيضا، بها من العتمة قدر النور أو أكثر.. والحق أنها، منذ انبعاثها، لم تكتمل بدرا، وأنّا ما رأيناها إلا هلالا.. قد يكون ظنّا أو خيالا.

اليوم، جانبنا المظلم تعامد مع جزيرة الصحراء والتعب.. والهدف البعيد هو تقطيع جثة البوعزيزي، حتى يغدو مجهولا في النسب، وحرق صورة خاشقجي حتى لا تذكره العرب !

•••

كانت العرب تسمّي طاعن السنّ كنتيّا لأن لازمة حديثه : كنت.. وكنت.
ترى ماذا سيقول الشيخ التسعيني ساكن قرطاج للأمير الشاب القادم من مملكة لا نوافذ لها ولا باب ؟؟ ..
قطعا سيبدآن بسرد المآثر القديمة، وسيغوص شيخنا المخضرم في أحاديثه الطويلة، وسيعود شابا يجول في أزقة المدينة العتيقة.. إلى أن يصل إلى جوهر التاريخ والكلام: نهج الباشا وزنقة صباط الظلام !.
وهنا تبدأ متعة الإستماع والحديث، وسيقدم الأمير ما عنده من خبرة في القتل لغاية التطوير والتحديث..

هي جلسة مصارحة، بين يافع وشيخ.. دُبّرت بليل، لإعادة عجلة التاريخ…

هذا هو تخميني لفحوى ومضمون اللقاء، بين أمير الظلام، وصاحب “صباط الظلام” !.. ولكنه حديث لا يتاح للعموم، فللدولة أسرار، ليس من شأن الرعيّة أن تخوض فيها أو تحوم !.. والمؤتمرات الصحفية قد تلغى عندما تسيء للضيف الكريم..

•••

تروي الأسطورة أن “فيلوميل” ابنة بونديون كانت أجمل من فينوس، وأن زوج أختها أغواه ملعونهم إبليس، فواقعها كرها وكان الإغتصاب.. ثم قطع لسانها، ليقتل فضيحة الخطاب.. ولكنها استطاعت إخبار أختها بلسان منسج يصور الجريمة في قطعة قماش..
“تريوس” العربي، جاء إلى تونس، مهد الثورات والغضب، ليخفي سوءته ويقطع اللسان والبيان.. فإذا البلاد كلها منسج عظيم لقطعة قماش، تصوّر الجريمة كأفضل رسّام..
وكذلك نصنع النور من رحم الظلام !.

اترك رد

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock