تدوينات تونسية

علاش يهرب الشباب من تونس ؟

عايدة بن كريّم

هناك سؤال محيرني… علاش يهرب الشباب من تونس؟
ظاهرة الحرقة الشرعية وغير الشرعية… أعداد الشباب الذين ارتموا في أحضان البحر مع أنهم يعرفون جيدا ماذا ينتظرهم في الضفة المُقابلة هذا إن وصلوا سالمين… وأعداد المُتميزين في الدراسة (الناجحين في الباكالوريا) المُهرولين نحو فرنسا وألمانيا وكندا رغم ما تتكبده العائلات من مصاريف السفر والترسيم والإقامة بهذه البلدان ورغم إدراك العائلات بأنّ أولادهم لن يعودوا… وأعداد الأطباء والأساتذة والمهندسين المهاجرين إلى آفاق أخرى رغم أنهم أحيانا لديهم وضعيات مُستقرة ومرتاحة… يخلّوا أولادهم وعائلاتهم وحياتهم ويفرّوا نحو حياة أخرى…

علاش يهرب الأبناء من أمّهم التي صرفت عليهم وكبّرتهم؟
ما الذي يجده الشباب في البلدان الأخرى ولا يجدونه في تونس؟
ربما في البلدان الغربية هناك شعور أكبر بالحرية وتوجد بيئة نظيفة وعدالة نطاقها أوسع ويوجد نوع من الرفاه والتقدّم التكنولوجي وتطور في المعارف وأرضية مواتية للبحث والإبتكار وربما توجد فرص للشغل ولتحسين الوضع المادي للشباب البطّال وربما توجد إمكانيات للحلم وتحقيق الحلم والخروج من عنق الرحم بولادة قيصرية…
لكن في بلدان أخرى نلاحظ عليها إقبال كبير من طرف المُتخرجين (المحسوبين على النخبة الواعية) لا يوجد فيها حرية ولا بيئة نظيفة ولا عدالة ولا مؤسسات مهيكلة ولا تطور علمي… فقط شوارع كبيرة وسخانة أكبر ومولات شاسعة وبنايات عالية وحالة اختناق بسبب انعدام الهواء النقي… زعمة مشوا على خاطر الفلوس؟ سلّموا في الداعي وما كسب من أجل سيّارة رباعية الدفع و”فيلا” من ثلاث طوابق؟
كيف تكوّنت ثقافة “الحرقة”؟ وكيف سيكون وضع تونس بعد 10 سنوات؟
بعد أن يرحل جيل أطباء الإختصاص الواقفة على أكتافهم المستشفيات العمومية والخاصة ويرحل المهندسين الهازين فوق ظهوراتهم القناطر والمحولات والطرقات ويرحل الأساتذة والجامعيين الحاملين همّ “المعرفة”… شكون يبقى؟
يبقى النطيحة وما ترك الضبع… ونتحوّل إلى مُجتمع دون معرفة وقطاع صحة دون أطباء إختصاص ووزارة تجهيز دون مُهندسين أكفاء وتعليم دون مُربين… وإعلام دون إعلاميين. ودولة دون رؤى استراتيجية وسياسيين دون تصورات…

اترك رد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock