تدوينات تونسية

هل انتهى عصر الذكور ؟

عبد القادر الونيسي
ظهرت دراسات عديدة المدة الأخيرة في الغرب تؤكد أن العصر الذكوري قد انتهى وأن الزمان القادم هو زمن المرأة لا محالة.
ٱخر هذه الإستخلاصات ما ذهب إليه عالم الإجتماعي والفيلسوف الفرنسي الشهير مارسال ڨوشي “Marcel Gauchet” في حواره مع جريدة لوموند بتاريخ 11 سبتمبر 2018.
ذكر الفيلسوف عديد المتغيرات الطارئة في السنوات الأخيرة واقتحام المرأة بل تفوقها في ميادين عدة على الرجال مما يؤهلها مستقبلا للسيطرة على مكامن القوة والسلطة في العالم.
لا أتفق معه عندما ذكر أن أحد أسباب عودة المرأة للمسك بزمام الحياة إزاحة سلطة الدين عن الفضاء المشترك.
ربما يصح هذا القول في واقع المجتمعات الغربية وهيمنة الكنيسة على أدق تفاصيل الحياة الخاصة والعامة لمنظوريها.
في تاريخنا الإسلامي يختلف الأمر إلا عندما يتخفى الإستبداد تحت قناع الدين وهو الحاصل اليوم في عموم ديار الإسلام والذي تبقى الحرية وحدها القادرة على كشف عورته وخداعه.
في تاريخنا سيطرت المرأة في مناسبتين على الأقل على مصير الأمة.
المرة الأولى في غزوة أحد عندما تولى غالب الرجال واستلت النساء السيوف وأحاطت برسول الله عنوان بقاء الرسالة أو فنائها التي مازال لم يشتد عودها بعد.
المرة الثانية عندما استباح المغول ديار الإسلام وخنع الذكور إلى الحد الذي ينتظر أحدهم المغولي حتى يأتي بسيفه ويجز رقبته.
تصدت النساء بدهائهن واشترطن على المغول الراغبين في الإقتران بهن الدخول في الإسلام.
حسن إسلام المغول الذي قدموا غزاة لنقض عرى الدين وفتح الله بهم ديارا عدة تحت راية الإسلام.
هذان مفصلان مهمان في تاريخ الإسلام يرجع الفضل فيهما بعد الله إلى المرأة التي سيطرت فيهما على اللحظة الفارقة في تاريخ الأمة.
في بلادنا الدور ٱت على الذكور ولو بعد حين مع تنامي حظور المرأة في الحياة العامة وتفوقها الدراسي والمهني في السنوات الأخيرة وحرصها على منافسة الرجل بل لما لا قيادته كنتيجة حتمية لتميزها الفارق الذين لا تخطئه العين بدءا ببيت كل واحد منا.
ستشهد تونس مستقبلا مع نسائم الحرية عودة قوية للمرأة القائدة وربما نستطيع القول أن عصر سيطرة الذكور قد ولى وانتهى بل تبوأ إحداهن لأول مرة مشيخة المدينة ليس بالحادث العابر بل هو بداية عصر زعامة الأنثى.
والله من ورآء القصد.

Marcel Gauchet
Marcel Gauchet

اترك رد

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock