تدوينات تونسية

نهاية مريرة…

صالح التيزاوي
كثيرون (وأنا واحد منهم) لطالما ردّدنا الدّعاء المأثور: “اللّهمّ إنّا نسألك حسن الختام”، غير أنّي لم أتمثّل معانيه جيّدا إلّا هذه الأيّام وأنا أتابع مبهوتا تصريحات السّيّد أحمد نجيب الشّابّي الذي كان يُكنّى بالأب الثّاني للدّيمقراطيّة بعد السّيّد أحمد المستيري…
سي نجيب كان معارضا صلبا وشرسا لنظام بن علي ولقي من الأذى ما لقيه غيره من أحرار تونس الذين حلموا بالحرّيّة والإنعتاق من هيمنة الحزب الواحد على الحياة السّياسيّة. لقد جعل من حزبه ومن جريدة “الموقف” النّاطقة باسم الحزب ملاذا لكلّ أطياف المعارضة عندما اتّخذ نظام اامخلوع قراره بتأميم الإعلام وتكميم الأفواه. ولكنّ المناضل القديم انتهى وبطريقة دراماتيكيّة منذ اتّخذ قراره الخاطئ بالدّخول في حكومة محمّد الغنّوشي إلى ما كان عليه المخلوع: لغة مشحونة بمفردات الكراهيّة والإقصاء والتّحريض والكفر بالأحزاب (العمشة والعميان). وجميعهم رفاق الماضي تقاسم معهم عذابات سنين الجمر واكتوى جميعهم بمحرقة السّابع من نوفمبر المشؤوم… فكيف للسّيّد أحمد نجيب الشّابّي وهو في خريف العمر (أطال اللّه في أنفاسه) أن ينقلب على نفسه وعلى تاريخه؟ ولصالح من يفعل ذلك؟ هو لا يسيء لخصومه بقدر ما يسيء لنفسه ولتاريخه الحافل بالنّضال ولا يخدم المبادئ التي ناضل من أجلها عمرا طويلا وإنّما يخدم كتائب الإعلام الفاسد الذين جعلوا من تصريحاته مادّة للإثارة الإعلاميّة غير مبالين بتاريخ الرّجل… نسأل اللّه حسن الختام…

اترك رد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock