تدوينات تونسية

أمِنَ اللصوص فبرعوا

نور الدين الغيلوفي
سيناريو:
شبّان قرّرا أن يقيموا مشروعا يأكلون منه الخبز.. اكتروا بيتا في بعض أحياء مدينة لا يعرفهم بها أحد… يتفرّقون بالنهار بين الأحياء الأخرى حيث لم يرهم أحد.. يتعرّفون إلى الطرقات والمسالك.. يجوس كلّ واحد منهم بمفرده خلال الديار.. يكتشف.. ينظر في أشكال البيوت ويتفحّص أحوالها ويقدّر علوّ أسوارها ويبحث عن أيسر المسالك للدخول إليها.. يبدأ بجولة يرصد خلالها بيوتا مختلفة يجعلها في مرماه لينتخب من بينها ميدان مغامرة الليل… هذا بيت معمور بأهله.. خرج منه صبيّ عاد برغيف… يُسقطه من برنامجه.. هذا البيت خرجت منه سيارة ترك سائقها الباب مفتوحا ليغلقه غيرُه من بعده.. لا مطمع فيه..
هذا تنبعث منه أصوات صخب.. عراك نشب بين الزوجين أبكى الرضيع النائم.. ثمّ حلّ السكون وانبعث أصوات موسيقى..
أمّا هذا فتقف في شرفته فتاة تتفحّص هاتفها المحمول ولا تريد أن تنتبه كأنّها مشتبكة مع صديق لها في عراك افتراضي.. فهي تتمنّع عليه وهو يجاهد لإرضائها بمدامع الأشكال ويستعطفها بما لا يقول برفقته أخرى يحادثها بما لا تعلم الأولى..
أهه.. هذا هو .. بيت تبدو عليه سكينة الهجران.. يركّز عليه عدسته الراصدة.. وقد يلتقط أكثر من صورة له من جوانبه الممكنة…
يهاتف صديقه ليعلمه بالمكان.. وتسترخي حركته في الطريق بعيني لصّ ذابلتين.. حتّى إذا ظهر الثاني نظر حيث الهدف.. ثمّ تقاطعا في الطريق ليعودا إلى وكرهما من تعب النهار.. ويبدأ التخطيط لجهود الليل…
بعد منتصف الليل يبدأ التنفيذ.. يقف أحدهم عند منعطف الطريق على اليمين ويقف الثاني على اليسار ويقبل البطل الرئيس.. يقفز من جدار الأجوار فهو أسهل للقفز ثمّ ينطّ داخل البيت بخفّة قطّ ويبحث عن منفذ للدخول.. السكون مشتمل والطريق آمنة ولا شيء يستدعي الخوف.. وبينما هو يعالج الباب تشتعل الأضواء دفعة واحدة كأنّ الراصد كان مرصودا.. يهرع للخلاص.. نسي خطّة الفرار.. سمع أصواتا تنبعث من داخل البيت.. وصل السور قفز وفي الطريق وقعت قبّعته.. لا وقت لالتقاطها… فشلت جهود الليل والنهار…
جاء دور الشرطة.. يأكلون الخبز من أمن الناس على أرواحهم وأرزاقهم وأهليهم.. سلوك آلي ينجزونه داخل مكاتبهم الكئيبة.. تقييدات كثيرة على ورقات لا تُحصى.. أسئلة وإجابات.. برود غريب يعمّ المكان ولا ينذر بحلّ.. ثمّ تمضي.. يُطلَق سراحك من بحث ثقيل تعلم أنّك لن يجديَك شيئا.. “تو نتّصلو بيك”.. وتمرّ الأيّام والأسابيع والأشهر والأعوام.. وينقضي العمر ولم تتّصل شرطة الجوار.. والخبز مأكول…
بعد أيّام تسمع برجل أمن سطا على فرع بنك في واضحة النهار وسط المدينة والناس تسعى.. وتسمع برجل أمن ثانٍ ضُبط يسرق سيّارة لمواطن أمن شرَّه فركنها قربه.. ثمّ يأتيك خبر ثالث اغتصب قاصرا وقتل جدّتها وبدأ مشرع قتل أمّها صحبة عصابةمجرمين جاء ليقبض عليهم…
شيء رهيب…

اترك رد

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock