تدوينات تونسية

هل نستغرب جريمة قبلاط على بشاعتها ؟!

سمير ساسي
على بشاعتها لا أعتقد فهي نتيجة حتمية لمسار كامل بدأ مع دولة الاستقلال وتعمد ضرب قيم المجتمع أو تغافل عن حمايتها، تلك القيم التي تستنكر الجريمة وتستبشعها والتي لم تغادر حتى عتاة المنحرفين إلى زمن غير بعيد حين كان هولاء يستحيون من كبير الحي وبنت الحي رغم أنهم قد يعتدون على غيرهم.
وتلك مفارقة، كان يمكن العمل عليها من أجل الإصلاح لكن مشروع الاستبداد لا يقوم إلا على الاستخفاف القيمي بالمجتمع فلا يستقر الاستبداد إلا إذا تحللت قيم المجتمع وصار أهله فاسقين بكل المعاني اللغوية والدينية والقيمية والتي تلتقي على معنى الاستهتار بكل مقومات المعنى.
افتقاد المعنى في مجتمعنا بدأ منذ زمن الدولة الأول ويستمر ونرى مظاهره تتجلى. فإعلام لا ينشر إلا الفاحشة ويكشف العلاقات الحميمية على الملا ويعلي من قيمة المنحرفين في الدراما والشخصيات الاعتبارية تمتح من معجم المخراة في ألفاظها. كما فعل نقيب الصحفيين وقبله الرئيس وبعض المثقفين والسياسيين في الاحزاب والبرلمان ومركز الدراسات الاستراتيجية يعيدنا الى وضع الجرانة والشعوذة ولجنة القراءات في وزارة الثقافة على رأسها تلميذة تعتبر أن إطاريح إجازتها لجان أكاديمية معتبرة في الجامعة غير صالحة ولا ترتقي الى المستوى العلمي المطلوب بسبب أن أصحابها مختلفين ايديولوجيا وآخر يتفه على المُلا قيمة الكتب والقراءة وبرلمان يشرع للتساهل مع حبوب الهلوسة كلها وغيرها لا تنتج إلا قبلاط وقبلها القيروان وبعدها سيكون هناك كثير من الجريمة وقليل من الاستنكار لأن المسار يتجه بسرعة نحو مجتمع “لا يتناهون عن منكر فعلوه” حينها سيكون هناك تقارير مكتوبة معلقة على أعمدة الضوء المظلمة في شوارع مقفرة من بلاد شعبها تحت أرضها.

اترك رد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock