تدوينات تونسية

“سَيِّبْ.. لَوِّحْ”

عبد القادر عبار
“سَيِّبْ.. لَوِّحْ” هو مصطلح محلّي تماما، بمعنى اِرْمِ ما تحمل في يديك ولا تتردّد، ثم امْضِ في سبيلك.
وهي كنية قديمة لمواطن بسيط ولكنه طيّب، تلبّست به منذ شبابه وتكنّى بها دون غيره وذلك بسبب أنه إذا سمع من يهتف به “سَيِّبْ.. لَوِّحْ” فإنه يتخلّص من كل ما يحمله في يديه، مهما غلا ثمنه، ومهما ندر جنسه ويرمي به غير آسف… يفعل ذلك عفويا دون تكلف ولا تصنع.. ولا تمثيل.
وكم استغلها البعض ممن يعرفونه للتندّر عليه، فتراهم يغتمون لقاءه وهو راجع من السوق يحمل ما اشتراه.. دلاعة كانت أو كيس سكر أو زجاجة مشروبات أو قنينة زيت أو خبزا ويهتفون به “سَيِّبْ.. لَوِّحْ” فيرمي المسكين ما في يديه بلا تردد ولا تفكير.. فينكسر ما هو قابل للتكسير ويراق ما هو سائل ويتبعثر الآخر متلوثا بما في الطريق.. دون تعويض من أحدٍ لخسائره طبعا.
تذكرت هذا المصطلح/ الكنية وأنا أتابع إمتعاض الناس في أيامنا الرديئة هذه التي نعيشها رغما عنا، من بهلوانيات بعض بؤساء السياسة، أولائك الذين قد قرف الجميع من مواقفهم الفضفاضة المتناقضة، ومجّوا تصريحاتهم الصبيانية المتباينة وهم يرونهم يتدحرجون من كبوة إلى أخرى ومن منزلق إلى آخر.. غير عابئين بحق السن ولا بوقار العمر.. ولا بتغيّر الحال.. ولا بضرورات الوطن، فأرى أنهم أولى بهذه الكنية الطريفة “سَيِّبْ.. لَوِّحْ ” وأجدر بتفعيلها من صاحبنا الذي لم تعد تنطلي عليه.. لأنه قد تعلم الدرس بعدما ساءته خسائره الكثيرة المتتالية.
فنقول لهؤلاء: “سَيِّبْ.. لَوِّحْ” عليكم من السياسة والسياسيين ومن المنافسة والمتنافسين.. ومن التزوير والافتراء.. ومن الفروسية الكاذبة، وارضوا بنصيبكم من الإخفاقات واكتفوا بما أسديتم للبلاد من كدمات ولكمات واعلموا أن العاقل، من احترم نفسه وعرف قدره ولزم حدّه.. وأغلق عليه بابه واعترف لخصومه بأهليتهم.
“سَيِّبْ.. لَوِّحْ” عليكم من مبارزة.. مَن تشهد لهم نقاوة سيرتهم ونظافة أيديهم وصدق مواقفهم وعمق نضالهم على أنهم الأجدر بالعبور بالناس حتى تستوي السفينة بالوطن على الجُودِيّ… اِستحْيوا.. وانسحبوا وافْرَنْقِعُوا عنا فقد أرهقتمونا وأتعبتم الوطن !

اترك رد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock