تدوينات تونسية

باقة الورد.. لا تشتري الدقيق

عبد القادر عبار
تحضرني هذه الواقعة الحكيمة القديمة التي تقول: قدم أحد معلمي القرآن “مِدِّبْ” إلى إحدى القرى ليحفّظ الصبيان كتاب الله.. وكان فقير الحال.. فكان الصبية اثر انتهاء الحصة يشبعونه بقولهم “أحسنت سيدي.. بارك الله فيك سيدي.. الله يرحم والديك سيدنا” ثم يرجعون إلى ديارهم يفطرون ويتنعّمون ويعود “المدّب” إلى مأواه فلا يجد ما يقتاته ولا من يتصدق عليه فيتفكّره بلقمة.. فقرر أن يتخذ موقفا فمن الغد واثر انتهاء الدوام والصبيان يهتفون بالثناء عليه قال لهم: “كفى.. فان قولكم أحسنت سيدي… لا تشتري الدقيق”.. ادفعوا حق الحصص لأعيش وإلا فاني إلى قوم سواكم سأرحلُ.
تذكرت هذه الواقعة وأنا اقرأ على صفحات التواصل الاجتماعي اعتزام بعض المجالس البلدية المنتخبة تكريم عمال النظافة لديها اعترافا بجميل دورهم في نظافة المدينة من مخلفات مرمّة ذبح علوش العيد التي كانت قبلُ.. تلوث المدن بسبب التقصير البلدي في التعامل معها.. وكان من جملة الاقتراحات تقديم “باقة ورد” لكل عامل شكرا له على ما قام به.
فأقول: باقة الورد.. صحيح لها رمزيّتها ووهرتها.. ولكنها للأسف “لا تشتري الدقيق”.. عوّضوا الورد.. بالمال “بالحنيْنات” ببعض السيولة.. فكثير من العملة مازال ديْن أضحيته في رقبته. وأمامه مرمّة الدراسة.. وجيبه مخروم من الإفلاس.. بالله عليكم ما تنفعه باقة ورد وكلنا نعلم أنه “لا يعطّر النفوس الا الفلوس”.

اترك رد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock