تدوينات تونسية

مملكة الخوف

صالح التيزاوي
تأتي الأخبار من السّعوديّة بما يبعث على الحزن لما آل إليه وضح الحقوق والحرّيات في بلاد “الحرمين الشّريفين” وقبلة المسلمين، وأرض المقدّسات الإسلاميّة. تكشف حجم المعاناة التي يعيشها أصحاب الرّأي والعلماء والنّاشطون عموما في المجتمع السّعودي وتكشف حجم الإنحدار الذي آل إليه المجتمع السّعودي على عهد محمّد بن سلمان الذي قدّم نفسه في الدّاخل والخارج على أنّه حامل لواء التّحديث.
أعتقد أنّ دعاة حقوق الإنسان في سائر أنحاء العالم ورعاتها الحصريّون في الدّول الغربيّة التي تفاخر بأنّها قلاع الحقوق والحرّيات، وكل الذين مازالوا يكتفون بعبارات الإدانة والتّعبير عن الأسى والاسف، ويعبّرون عن عميق انشغالهم لما آل إليه وضع الحرّيات في السعّوديّة، عليهم جميعا أن يبلعوا ألسنتهم وأن يكفّوا مستقبلا عن الحديث عن حقوق الإنسان وعن محاربة الإرهاب مالم ينتصروا لضحايا المحرقة في المملكة، ومالم يفعلوا شيئا للضغط على النّظام حتّى يوقف شراهته للإستبداد وتكميم الأفواه وأعمال التّعذيب والقتل والمحاكمات السّرّيّة التي ينتهجها النّظام مع كلّ رأي حرّ ومع كلّ نفس مطالب بالإصلاح ومالم يوقفوا المجازر التي تحصد يوميّا أرواح الأطفال اليمنيين باسلحة أمريكيّة وغربيّة.
باعتقال النّاشطات والنّاشطين من أصحاب الرّأي الذين اقتصر نشاطهم على بعض التّغريدات التي تنتقد النّظام على استحياء، وباعتقال العلماء الذين لم يتجاوزوا مستوى إنكار الظّلم باللّسان فقط (أضعف الإيمان)، فقد دشّن محمّد بن سلمان عصرا من الخوف غير المسبوق في السّعوديّة تحت أنظار عالم منافق، يقدّر أنّ مصالحه المادّيّة مقدّمة على حقوق الإنسان، فآثر السّكوت عمّا يرتكبه “آل سعود” من فظاعات بحقّ مخالفيهم من النساء والرّجال  وآثر السّكوت (باستثناء كندا) على ما يرتكب من مجازر وأعمال إبادة ووأد لأطفال اليمن. عار على المجتمع الدّولي وعلى الإنسانيّة أن يكتفوا اليوم بمشاهدة وضع بائس ومؤلم لم تعد عبارات الشّجب والإدانة تكفي لتوصيفه وإنكاره.

اترك رد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock