تدوينات تونسية

هل هوية الدولة مجرد حكاية ؟

فيصل بوقرة

قاضي بالمحكمة الإدارية

في خضم النقاش حول تقرير لجنة المساواة والحريات الفردية وتصريح رئيس الجمهورية، علينا أن نتفق على بعض النقاط قبل طرح جملة من التوضيحات -القابلة للنقاش- والتساؤلات التي سيجيب عليها المستقبل:

أولا: علينا أن نتفق أن الدولة التونسية هي جمهورية مدنية وعلمانية منذ الإستقلال على الأقل “un État séculier”.
أي هي ليست دولة دينية (الشريعة هي المصدر الشكلي الأساسي والرسمي والوحيد للتشريع) “un État théocratique” وليست دولة لائيكية (الفصل التام والقطعي بين الدين والدولة) “un État laïc”.
ثانيا: أن العلمانية واللائيكية هي مفاهيم قانونية وسياسية وليست مفاهيم دينية، بمعنى لا ترادف الإلحاد ولا ترقى إلى قيام دولة ملحدة. “un athéisme d’État” وإنما تتعلق بمسألة مصادر التشريع الشكلية والمادية.
ثالثا: أن الهوية الدستورية للدولة “l’identité constitutionnelle” تختلف عن مسألة مصادر التشريع، وبالتالي القول بأن الدولة أو الشعب مسلم “État musulman” يختلف عن القول بأن الدولة إسلامية “État islamiste”.
رابعا: أن التشريعات التونسية (وخاصة الأحوال الشخصية) مستمدة من حركات إصلاحية اعتمدت التأويل “herméneutique/interprétation” كمنهج لملائمة النص التشريعي مع الشريعة الإسلامية، أو منهج ما يعبر عليه بالخروج من الدين عبر الدين “La sortie de la religion par la religion”.
خامسا: أن مدنية الدولة لا تتعارض في شيء مع اعتبار النص الديني كمصدر مادّي مكمل أو مفسّر أو إحتياطي للتشريع الوضعي.
سادسا: أن تنقيح القوانين يعود بالإختصاص إلى مجلس النواب أما تأويل فصول الدستور المبهمة أو الحسم في مسألة الهوية ونظام الدولة من مدني علماني إلى مدني لائيكي فإن ذلك يجب أن يمر حتما عبر استفتاء شعبي لتنقيح الدستور أو في أقصى الحالات إنتظار إرساء المحكمة الدستورية لتوضيح المسألة لتعلق ذلك بمسألة سيادية وفوق-دستورية يجب الرجوع فيها إلى الإرادة العامة “la volonté générale” أو للسلطة التأسيسية الفرعية “le pouvoir constituant dérivé ou institué”. “Une question supra-constitutionnelle touchant à la souveraineté”.
سابعا: هل أن المساواة “الرياضية” تعني وتحقق بالضرورة العدالة والإنصاف؟ “Égalitaire-Juste-équitable”.
ثامنا: هل أن إقرار نظامين قانونيين لمادة المواريث لا يتعارض مع مبدأ وحدة النظام القانوني للدولة ولا يساهم في تشتيت الأنظمة القانونية؟ “Pluralisme de systèmes juridiques et fragmentation du droit”.
تاسعا: هل أن إقرار المساواة في الإرث والزواج المثلي وغيره من منطلق كونية مبادئ الحقوق والحريات الإنسانية وشموليتها لا يؤدي بالضرورة إلى خلق مناخ لتطور فكر الإنتماء الجمعي والمختلف والحال أن الهدف هو توحيد المجتمع. “communautaristes c/ universaux”.
عاشرا: كيف يمكن تبرير إجبار مجموعة ثقافية معينة بالتخلي عن خصوصيتها والإنصهار في الفكر النمطي؟
أحد عشرة: هل أن من مهمة القواعد القانونية تشكيل ثقافة وهوية المواطن؟

لا أصدق الباجي

اترك رد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock