تدوينات تونسيةمقالات

السبسي والمرأة.. خطوة إلى الأمام.. وخطوتين إلى الخلف..!!!

عبد اللّطيف درباله
شاهدت خطاب رئيس الجمهورية الباجي قايد السبسي اليوم بمناسبة عيد المرأة.. وقد تكلّم لنصف ساعة كاملة دون أن يقول فائدة تذكر سوى فكرتين أو ثلاث كان يمكن له اختصارها في خطاب مركّز ومفيد بخمس أو عشر دقائق..!!
السبسي عموما تراجع وتخلّى عن مقترحات لجنة الحقوق والحريّات التي أنشأها برئاسة بشرى بلحاج حميدة.. وأعلن عن تشكيل لجنة أخرى “من خيرة أبناء الوطن” لإعادة تشكيل جميع المقترحات.. بما يعني إعادة تعويم الموضوع لفترة زمنيّة أخرى قادمة.. مع التركيز على أنّه ولئن كانت الدولة مدنيّة والدستور هو الأعلى ولا مرجع غيره بحسب قوله.. فإنّ الشعب مسلم ومن واجبه هو كرئيس أن يحمي الجميع وأن يكون مجمّعا للشعب برمّته لا مفرّقا كما قال.. وهي إشارة صريحة وقويّة من رئيس الجمهوريّة الباجي إلى كونه لا ينبغي المغالاة في إقرار أحكام لا تتوافق مع دين وعقيدة التونسيّين..!!!
في المقابل فإنّ الباجي لم يختر من عشرات الاقتراحات بتقرير لجنة بشرى بلحاج حميدة إلاّ مسألة واحدة لتبنّيها الآن حالاّ وهي المساواة في الإرث بين الرجل والمرأة.. والتي كان سبق له هو نفسه الإعلان عن رغبته في إقرارها سابقا منذ سنة.. معلنا أنّه سيقوم باقتراح قانون لإقرار المبدأ وتعديل أحكام الميراث بمجلّة الأحوال الشخصيّة.. ملمّحا إلى أنّه سيقوم بعرض القانون على مجلس النواب في بداية الفترة النيابيّة القادمة مباشرة بعد العطلة البرلمانيّة..
لكن مع ذلك.. تراجع السبسي مرّة أخرى عن إقرار مبدأ المساواة في الإرث بصفة مطلقة وجوبا.. بعدم إقراره إلزاميّة هذا القانون.. وتأكيده أنّه سيقع إعطاء الحريّة الكاملة للمواطنين الراغبين في التمسّك بالقواعد الشرعيّة باختيار ذلك النظام في تقسيم تركاتهم..!!!
لم ينسى الباجي طبعا دعوة النهضة لمساندته في إقرار هذا قانون المساواة في الإرث.. معترفا صراحة أنّه يصعب تمريره بدونها.. مذكّرا بأنّها هي من رجّحت الكفّة في البرلمان لإقرار سدّ الشغور في منصب وزير الداخليّة مؤخّرا يوم 28 جويلية المنقضي.. مستحثّا إيّاها بالتذكير بأنّها هي وشركائها في الترويكا هم الذين كتبوا الدستور التونسي سنة 2014.. الذي نصّ على مدنيّة الدولة.. وأقرّ المساواة الكاملة بين الجنسين.. وأنّه لا يفعل الآن غير تطبيق “دستورهم” الذي توافق عليه الجميع.. وأنّه عليهم تبعا لذلك احترام الدستور الذي كتبوه وإقرار المساواة في الإرث..!!
“عقدة النهضة” بدت واضحة في أغلب فقرات الرئيس السبسي.. إذ كانت النهضة حاضرة بقوّة في أغلب فقرات خطابه اليوم.. كعادة الباجي تقريبا في جلّ خطبه السياسيّة الرسميّة.. وفي تصريحاته وحواراته الإعلاميّة.. مراوحا كعادته أيضا.. بين تثمين دورها.. وبين التساؤل عن نواياها.. وبين إظهار التحالف معها.. وبين التشكيك في تواصله.. وبين استفزازها.. وبين إظهار فضلها عليه.. مركّزا كما يفعل كلّ مرّة على إظهار ثقته في محافظة النهضة على توجّهها المدني وابتعادها عن المرجعيّة الدينيّة.. كما يقول..
في وقت لم يشاهد زعيم النهضة راشد الغنوشي حاضرا بالقصر الرئاسي في الاحتفال بعيد المرأة بقرطاج… مقابل حضور وظهور قيادات أخرى مثل رئيس الحكومة السابق عليّ العريّض..!!!
في ما عدا ذلك لم يتضمّن خطاب رئيس الجمهورية الباجي قايد السبسي في عيد المرأة شيئا يذكر.. ولا أفكار ولا حتّى مجرّد اقتراحات لقرارات ذات أهميّة.. ومثّل بالتأكيد خيبة أمل كبرى لمن انتظر من السبسي قرارات جريئة مستمدّة من تقرير ”لجنة الحريّات الفرديّة والمساواة”.. وربّما كانت أكبر الخيبات لبشرى بلحاج حميدة نفسها وبقيّة أعضاء اللّجنة..
في انتظار ما ستسفر عنه أعمال اللّجنة الجديدة المعلن عنها..!!!

اترك رد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock