تدوينات تونسية

اتحاد الشغل.. لا قداسة تعصمه من النقد

نور الدين الغيلوفي
#ننقد_ولا_نتحامل
كتب إليّ بعض الأصدقاء على الخاصّ:
ما لك تتحامل على الاتّحاد؟
كلّ شيء بات قابلا للنقد غيرَ منزّه عن المساءلة في ظلّ ثورتنا التي حرّرتنا من التابوهات ومكّنتنا من إخضاع كلّ خطاب للتحليل وكلّ عمل للمساءلة.. وحده الاتحاد العام التونسيّ للشغل يطلب له بعض ساكنيه قداسة تعصمه من النقد وتقيه من شرّ الناقدين الحاقدين المتربّصين به في كلّ آونة وحين.. لماذا؟ ألأنّه فوق النقد؟ ألأنّ جنرالاته القائمين عليه من صفوة الأنبياء المعصومين لا يأتيهم الباطل من بين أيديهم ولا من خلفهم؟ أوليس هؤلاء بما ينتجون من خطاب وما ينجزون من أعمال يخطئون ويصيبون؟ وما داموا كذلك أوليسوا جديرين بالمساءلة مخافة أن ينحرفوا كما يفعل كلّ مسؤول ليس عليه رقيب؟ أليس هؤلاء، بما يقولون وما يفعلون، هم الذين يحملوننا على نقدهم بل اتّهامهم في كثير من الأحيان؟
لن ننساق وراء، ما يتداوله كثير من المطّلعين، من أخبار تتعلّق بصفقات مشبوهة عُقدت وأموال طائلة فُقدت وعقارات بيعت وسيّارات أُهديت ومؤسّسات فُوّتت وأثمان قُبصت.. قلت لن ننساق وراء ذلك لأنّها تبقى أخبارا لا دليل عليها ولا حجّة تثبتها.. لن نقول غير ما نرى وما نسمع من أشياء غير لائقة يأتيها نقابيون كنّا نعدّهم لنا حججا وقُدْوات.. عليهم المُعَوّل وبهم يُعقَد الأمل.
1. فما تصدره بعض القيادات النقابية المركزية والجهوية والقطاعية من أقوال متشنّجة وتهديدات متكرّرة لا تليق بمن يُفْتَرَض أنّهم قيادات لجميع العاملين أو الموظّفين العائدين إليهم بالنظر بقطع النظر عن الانتماءات السياسية والميول الآيديولوجيّة.. فأنت بعد انتخابك لم تعد ملكا للجهة الجغرافية التي رفعتك أو القبيلة الإيديولوجية التي ناصرتك ولا ناطقا باسم الفصيل السياسي الذي انحدرت منه.. أنت مسؤول نقابيّ تنجز عملًا نقابيا جامعا لا دورا سياسيا مانعا.. كثيرا ما نسمع لنقابيّ قولا يليق بمحارب في ساحة الحرب لا بنقابيّ تدرّب على المحاورة وخبر التفاوض وتعلّم الصبر عليهما واكتسب نكران الذات وامتنع عن جلب المنافع لشخصه ولذويه.. ولو أمكن لهؤلاء أن يحملوا سلاحا لما تردّدوا في سفك الدماء وإزهاق الأرواح..بهذا تخبرنا خطاباتهم وما يفوح من عداواتهم…
2. تزور مؤسّسة عموميّة فيهمس إليك مديرها بأن المسؤول النقابيّ كثير الغياب لا يكاد ينجز من عمله شيئا.. ويكفيه أن يدّعيَ نشاطا نقابيا ليبرّر غيابه.. وما هو سوى متقاعس عن العمل متخلّف عن دوره متخلٍّ عن مهمّته.. ويقول لك: ما كنّا ننتقده من ممارسات منتسبي التجمّع في زمن الدكتاتورية صار يأتيه نشطاء العمل النقابيّ في زمن الثورة.. ولعلّ تشابه السلوكين أنّ أولئك الذين خلعوا ثوب التجمّع، في كثير من الأحوال، هم أنفسهم الذين قفزوا على ظهر النقابات ليمارسوا عليها فسادهم وإفسادهم ولينتقموا من ثورة عصفت بمجدهم.. لذلك تراجع العمل وقلّ الإنتاج وانهار الاقتصاد…
3. إنّ هؤلاء بما يأتونه إنّما يشوّهون العمل النقابي.. ويشوّهون الاتّحاد من وراء ذلك.. كأنّ بهم ثأرا ضدّ منظّمة وطنية كانت طوال تاريخها معقلا للمخلصين الذين يبذلون أرواحهم لأجل وطنهم وينفقون أعمارهم في سبيل تقدّمه.. وإلّا كيف نفهم بعض السلوكات التي تستهدف تهديد الوحدة الوطنية وتقسيم التونسيين إلى ملل إيديولوجية ونِحَل سياسية بعد أن وحّدت بينهم الثورة؟
4. إنّه لا يدعونا إلى قول ما نقوله سوى غيرتنا على منظّمتنا التي خلنا أنّنا استرددناها من بيت طاعة المخلوع، وقد عبث بسمعتها، فإذا ببعض المتنفّذين يسخّرونها لغير ما يبتغي التونسيون.. فتتحوّل النضالات العمّالية الظاهرة إلى أعمال منظَّمة المقصودُ منها “تشليك” منظّمتنا وتقديم مرافقنا العمومية لقمة سائغة لأرباب المال…

اترك رد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock