تدوينات تونسية

كتيبة عقبة تطالب بميراث عقبة، بالإرهاب؟

ليلى الهيشري
صرحت كتيبة عقبة بن نافع إثر عمليتها الارهابية الغادرة ضد دورية عسكرية بمنطقة “الصرة” التابعة لمنطقة عين سلطان الراجعة بالنظر لولاية جندوبة باعتبارها منطقة حدودية تربطها بدولة الجزائر، حيث أسفر الكمين عن مقتل 06 من خيرة شبابنا تتراوح أعمارهم بين 23 و28 سنة، جاءت الفاجعة لتفسد فرحة الشارع التونسي بنجاح استحقاق انتخابي جديد تميز بالشفافية والحرية وترك في عالم الحريات بينة اخرى تشهد على تمسك تونس بمنهاج حداثي يقوم على العدل واحترام الحريات في معناها العميق لا الاشهاري.
وككل عملية إرهابية تقوم الجهة المنفذة عادة بنشر بيان توثق فيه إنجازاتها الدموية التي تعتبرها نصرا لديننا الحنيف وللحق غافلة عن فداحة إجرامها ومقدار إساءتها لتعاليم الإسلام، ومتمادية غير مبالية في الدفاع عن الباطل.
حيث دأب المحللون المختصون في الشأن الامني المحلي وفي الجرائم الإرهابية عموما، عن خصوصية كل بيان لتلك الجماعات باعتبارها “بصمة جينية” تكشف عن خصوصية الانتماء العقائدي لتلك الجماعة التي تستخرج من اختيارها لبعض الايات القرآنية الموظفة في بداية كل بيان، أو من خلال المدلول اللفظي للكلمات المعتمدة في صياغة النص والتي ترتبط أساسا بالتكوين الأكاديمي والعسكري لتلك الجماعات
أما البيان الأخير الصادر عن الكتيبة المذكورة فقد كان مختلفا عن البيانات السابقة والواردة على الإعلام منذ بدأت هذه العمليات الجبانة في تونس، حيث توقف المحللون عن جملة من الاختلافات الجوهرية:
غياب الايات القرآنية في بداية البيان باعتبار ان المبدأ في كتابة الرسائل في كل الحملات العسكرية الاسلامية كانت تستهل بالبسملة او بآية قرآنية تحمل فيها معان النصر والقوة وهو ما غاب عن البيان المثير للجدل.
النطق بلفظ الحقوق والثروات وهي معان تختلف عما يتم اعتناقه في تلك الجماعات الرافضة لمفهوم الحرية وحقوق الانسان المخالف لمبدأ الخلافة وقطعية اطاعة ولاة الامور فضلا عن مفهوم الثروات الذي يعد سابقة، خاصة وانه مفهوم يشير وجوبا إلى جملة الموارد الطبيعية للدولة التونسية المسماة بالقيروان، كالنفط والغاز والمياه والأموال والطاقة البشرية وهي مصطلحات لم تعتد تلك الجماعات توظيفها في خطاباتها الرسمية ،حيث لازالت تعيش بعد في طور المراحل الاولى من الجهاد القائم وجوبا على مهاجمة النظام السياسي القائم على مؤسسات لا تستجيب لنظام الخلافة، فلا يستجيب الطلب ولا يؤخذ برجاحة التبرير، وبعبارة أخرى كيف تناقش “حقوق وثروات” مع دولة نظامها كافر ؟
كما أعربت كتيبة عقبة بن نافع الشهيرة عن مسؤوليتها في قتل الأبرياء من أبنائنا دفاعا عن “الشهيدات والشهداء” من مناصري الفكر الجهادي المتطرف مع اعتماد أسلوب لغوي مستحدث في صياغاتها اللغوية لخطابها، يقوم أساسا على إبداء كلمة الشهيدات قبل الشهداء في محاولة لإبراز أهمية المرأة في منظومتهم الأيديولوجية، وكأنها تحمل في طياتها محاولة يائسة لتبني أسلوب “حداثي” قد يساهم في إكسابهم مزيدا من المتعاطفين من الجنس اللطيف؟
لم تكن العملية الجبانة قادرة على زعزعة موقف التونسيين من مصير هذه الكتيبة الإرهابية بالقدر الذي أثاره نص البيان المصاحب لها ،الذي تحول إلى لغز حير كل العقول الناقدة والرشيدة، غير أن تلك التساؤلات لن تعيد إلى الحياة أبرياء دفعوا ثمن الإجرام المنظم الموجه ضد دولة ضعيفة لا تستطيع الدفاع عن حدودها ولا عن القائمين على حمايتها، كما كان عقبة بن نافع عندما جاء تونس فاتحا، مشيدا لحضارة جديدة وأخلاق حميدة، فلا طالب بثروة ولا استجدى حقوقا عبر المكائد وقطع الطريق على الأبرياء، لقد حارب جيشا بجيش وسيفا بسيف فلا تطالبوا بميراث عقبة في القيروان فلستم أهلا بإرثه ولا أبناء صلبه من حماة الديار.

اترك رد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock