الأسئلة العميقة للإنتخابات
سامي براهم
من الأسئلة التي تطرحتها كلّ المحطّات الانتخابية التي شهدها البلد بعد الثّورة :
1. لماذا فشلت كلّ محاولات القمع وتجفيف المنابع التي استهدفت الإسلاميين قبل الثّورة وكلّ محاولات تشويه النّهضة بعد الثّورة وإضعافها وقطع الطّريق عليها بالتصويت المفيد وتجييش النّاس ضدّها واختلاق الإشاعات الزّائفة ضدّ قيادييها، وبقيت النهضة رغم أخطائها ومواطن قصورها رقما أساسيّا في المعادلة السياسيّة ؟
2. لماذا لم تنجح خيارات القطع الثّوري مع المنظومة القديمة وبقيت المنظومة فاعلا بارزا رغم تشتّت واجهاتها السياسيّة وشبهات الفساد التي تلاحق عددا من منظوريها، وبقي الإرث الدّستوري رغم تركة الاستبداد الثّقيلة يمثّل مصدرا للشّرعيّة المتنازع عليها بين ورثة التيّار الدّستوري الموزّعين بين الأحزاب المحسوبة على هذا التيّار بعد حلّ الحزب الحاكم قبل الثّورة ؟
3. لماذا بقيت تيارات ومدارس فكريّة وسياسيّة وأحزاب عريقة برمّتها دون رصيد إنتخابي يخوّل لها موقعا متقدّما في إدارة الشّأن العامّ ودائرة القرار رغم رصيدها النّضالي والتجربة السياسية الثريّة لقيادييها ؟
أسئلة لا تحتاج أجوبة سياسيّة سياسويّة قائمة على السجال والحجاج بل تحليلا سوسيولوجيّا عميقا للشخصيّة الانتخابيّة لعلّ أهمّ مقوّماته أنّ بقاء ظاهرة أو اضمحلالها أوفاعليتها أو ضمورها متوقّف على مدى تعبيرها عن حاجات مجتمعيّة فرديّة وجماعيّة معقّدة يتداخل فيها التاريخي والثقافي والنّفسي والمزاجي والحياتي اليومي.
أوضاع الأحزاب باعتبارها ظواهر سياسيّة بالمفهوم الأنطروبولجي للسياسة تتوقّف على حيويّتها وراهنيتها واستجابتها لهذه الحاجات المجتمعيّة.